من أفراد النوع المراد أو من أفراد النوع الخارج عن المراد ، وحينئذٍ لا يمكن التمسّك بإطلاق المطلق لإجراء حكمه على ذلك المفرد لطروء الإجمال له ، بمعنى عدم اتّضاح دلالته على اندراج هذا المصداق في جملة أفراد النوع المراد ، فيرجع في حكم ذلك الفرد المشكوك فيه إلى الاصول العمليّة ، وذلك كما في قوله «أعتق رقبة» مع قيام دليل على تقييد الرقبة بالمؤمنة والشكّ في رقبة خارجيّة في إيمانها وكفرها ، بخلاف البيع في الآية فإنّ الصحّة ليست من القيود المنوّعة للماهيّة بل هي حكم شرعي عارض لها مستفاد من الآية ، ومن المحقّق أنّ الحكم المستفاد من الدليل لا يدخل في موضوعه. فالمراد من البيع الماهيّة القابلة للصحّة والفساد والآية دالّة بالمطابقة أو بالالتزام على صحّتها ، وينحلّ مفادها إلى أنّ كلّ بيع صحيح ، والأفراد المعلوم فسادها خرجت عن هذا العموم بالأدلّة المثبتة لشروط الصحّة. وكون الصيغة وغيرها من الألفاظ من شروط الصحّة أيضاً ليخرج به المعاطاة أيضاً من عموم الآية ممّا لا دليل عليه ، فيبقى المعاطاة مندرجة في العموم ، للإطلاق ، وأصالة عدم التقييد فيما فرض عدم دليل على الشرطيّة المستلزمة للتقييد.
وثالثها : قوله تعالى : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ» (١) وجه الاستدلال أنّ الآية مشتملة على النفي والاستثناء ، فبالنفي تدلّ على حرمة أكل المأخوذ بالطريق الباطل ، وبالاستثناء تدلّ على حلّيّة المال المأخوذ بطريق التجارة عن تراض ، فيندرج فيه المال المأخوذ بطريق المعاطاة والآية تدلّ على حلّيّة أكله وهو المطلوب.
والمناقشة فيه بأنّ المستفاد من الآية حكمان كلّيّان كبرويّان ، أحدهما : أنّ أكل كلّ مال مأخوذ بالطريق [الباطل] حرام ، والآخر : أنّ أكل كلّ مال مأخوذ بطريق التجارة عن تراضٍ حلال ، ولا كلام فيهما بل الكلام في الصغرى ، وهي كون أكل مال المعاطاة أكلاً للمال المأخوذ بالتجارة عن تراض لا بالباطل ، والآية لا تنهض بإثباتها فلا يتمّ الاستدلال.
__________________
(١) النساء : ٢٩.