لا حاجة إليه ، لصحّة كونها ناقصة بجعل خبرها الظرف المقدّر قدّر بقرينة الظرف المتقدّم في قوله : «لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ» أي لا يأكل بعضكم مال بعض آخر بواسطة الاكتساب الباطل ، حالكونه حاصلاً بينكم ، وفسّر في الخبر المرويّ عن الباقر عليهالسلام «بالقمار والربى والنجش بالميزان والظلم» (١) وكأنّه عليهالسلام أراد المثال فيقدّر مثل هذا الظرف في جانب المستثنى ، فيكون التقدير إلّا أن تكون بينكم تجارة عن تراضٍ ، والظرف باعتبار عامله المقدّر نصب على الخبريّة قدّم على الاسم للنكارة ، كما أنّه في جانب المستثنى منه نصب على الحاليّة قدّم على ذي الحال.
ولكن الأوجه هو قراءة النصب بأحد الوجهين اللّذين نقلهما المفسّر ، والاسم على الوجهين الضمير العائد إلى الباطل بمعنى الاكتساب والتجارة ، وتأنيثها على ثاني الوجهين واضح ، وأمّا على أوّلهما فلأنّ الباطل بمعنى الاكتساب يقدّر فيه باعتبار معنى التجارة تأنيث ، أو لأنّ الضمير المتوسّط بين مرجع مذكّر وخبر مؤنّث ممّا جاز فيه الأمران من حيث التأنيث والتذكير ، فالأوّل لمطابقة الخبر والثاني لمطابقة المرجع ، واختير في الآية الأوّل.
والظاهر أنّ الاستثناء على الوجهين منقطع قصد به رفع توهّم كون التجارة عن تراضٍ من الاكتساب الباطل ، فيحرم أكل المال المأخوذ بواسطتها على أوّل الوجهين ، أو رفع توهّم كون الأموال المأخوذة بواسطة التجارة عن تراضٍ من الأموال المأخوذة بواسطة الاكتساب الباطل فيحرم أكلها أيضاً ، وأيّاً ما كان فيفيد عدم بطلان التجارة عن تراضٍ بالمعنى المرادف للصحّة ، بناءً على كون الباطل من البطلان بهذا المعنى كما في قوله تعالى : «لا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ» (٢) أي لا تفسدوها بالعجب والرياء وغيرهما من أسباب الفساد الّتي منها قطع العمل على ما فهمه العلماء ، كما يكشف عنه استدلالهم بتلك الآية على حرمة قطع العمل في الفرائض وغيرها ، ولو قدّرنا الباطل بمعنى خلاف الحقّ ليكون معنى قوله «بِالْباطِلِ» أي بغير حقّ واستحقاق شرعي دلّ الاستثناء بمعنى رفع التوهّم على كون التجارة عن تراضٍ مفيدة للملكيّة ، إذ لا معنى لكون أكل أموال
__________________
(١) مجمع البيان ١ : ٥٨ ـ ٥٩.
(٢) محمّد : ٣٢.