حديث السلطنة الّذي هو عامّ في السلطنة على التمليك بما جعله الشارع سبباً مملّكاً ، والشكّ في صحّة المعاطاة راجع إلى جعل الشارع لا إلى سلطنة الناس على التمليك فيما جعله الشارع سبباً ، فلا يلزم تخصيص في الحديث لو قيل فيها بعدم الصحّة ، ولذا لا يلزم تخصيص فيه بالحكم بفساد المعاملة مع الصبيّ أو المجنون أو فيما ليس بمعلوم أو في المعاملة الربويّة ، لأنّه نفي لجعل السببيّة الّذي هو فعل للشارع لا نفي للسلطنة الّتي هي حالة في ملّاك الأموال.
والفارق أنّ الشكّ هنا ليس لعروض حالة للمالك أوجبت الشكّ في سلطنته ، بل نشأ عن عروض حالة للعقد وهو خلوّه عن الصيغة أوجبت الشكّ في سببيّته فليتدبّر.
فدليل القول المختار منحصر في السيرة وآية أحلّ الله البيع وآية تجارة عن تراض.
وأمّا أدلّة سائر الأقوال وهي القول بالفساد ، والقول بالإباحة ، والقول بالمعاملة المستقلّة ، فاستدلّ على القول بالفساد كما عليه العلّامة في النهاية بأمرين :
أحدهما : الأصل المقرّر تارةً بالقياس إلى الحكم التكليفي ، وهو حرمة تصرف كلّ من المتعاطيين في مال صاحبه قبل وقوع المعاطاة بينهما ، وقضيّة الأصل بقاؤها بعد وقوعها. واخرى بالقياس إلى الحكم الوضعي ، وهو الصحّة المتضمّنة لخروج مال كلّ من المتعاطيين عن ملكه ودخوله في ملك صاحبه وهما أمران حادثان ، وقضيّة الأصل عدم كلّ منهما ، ومرجعه إلى أصالة بقاء ملك الأوّل وعدم حدوث الملك للثاني.
وثانيهما : قوله عليهالسلام : «إنّما يحلّل الكلام ويحرّم الكلام» المفيد للحصر ، فإنّ من أحكام البيع الصحيح المفيد للملكيّة أن يكون محلّلاً لما كان حراماً قبله ومحرّماً لما كان حلالاً قبله ، وقد دلّ الحديث على كون ذلك التحليل والتحريم منوطاً بالكلام وهو القول والنطق اللفظي ، ولا نعني من مدخليّة الصيغة في الصحّة إلّا هذا والمعاطاة لا كلام ولا لفظ فيها.
ويرد على الأصل بجميع تقاديره الخروج عنه بما تقدّم من أدلّة الصحّة.
وأمّا الخبر فلا بدّ للنظر في دلالته من ذكر الروايات المشتملة عليه بتمامها ، ففي صحيح يحيى بن الحجّاج قال : «قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : الرجل يجيء فيقول : اشتر لي هذا الثوب واربحك كذا وكذا ، قال:أليس إن شاء ترك وإن شاء أخذ؟قلت : بلى ، قال :