فقالوا : إنّ من شروط صحّة الشرط أن يلتزم به في متن العقد فلو تواطئا عليه قبله لم يكف في الإلزام والالتزام بالمشروط على المشهور ، بل يعلم فيه خلاف كما في كلام بعض مشايخنا وقال : إنّ الظاهر من كلمات الأكثر عدم لزوم الشرط الغير المذكور في متن العقد وعدم إجراء أحكام الشرط عليه وإن وقع العقد مبنيّاً عليه ، بل في الرياض «عن بعض الأجلّة (١) حكاية الإجماع على عدم لزوم الوفاء بما يشترط لا في عقد ، بعد ما ادّعى هو قدسسره الإجماع على أنّه لا حكم للشروط إذا كانت قبل عقد النكاح» (٢) وتتبّع كلماتهم في باب البيع والنكاح يكشف عن صدق ذلك المحكيّ فتراهم يجوّزون في باب الرباء والصرف الاحتيال في تحليل معاوضة أحد المتجانسين بأزيد منه ببيع الجنس بمساويه ، ثمّ هبة الزائد من دون أن يشترط ذلك في العقد ، فإنّ الحلّيّة لا تتحقّق إلّا بالتواطؤ على هبة الزائد بعد البيع والتزام الواهب بها قبل العقد مستمرّاً إلى ما بعده ... إلى آخر ما ذكره (٣).
وعلى هذا فحاصل المعنى المراد من قوله عليهالسلام : «فإنّما يحرّم الكلام» في أخبار باب المزارعة هو أنّ تسمية كون ثلث من الحاصل للبذر وثلث منه للبقر على معنى التصريح بذكره في متن عقد المزارعة هو الشرط المحرّم للحلال ، ولا يقدح نيّته من دون تسمية في متن العقد ، فالحصر المستفاد من كلمة «إنّما» إضافي بالنسبة إلى مجرّد النيّة. والسرّ في تحريم التسمية بمعنى الاشتراط الملفوظ به في العقد ، أنّ مقتضى عقد المزارعة حلّيّة الحصّة المشترطة للمالك ـ كالثلث مثلاً ـ له ، وحلّيّة ما زاد عليها كالثلثين للزارع ، فاشتراط كون أحد الثلثين للبذر والآخر للبقر على معنى التصريح بذكره في متن العقد شرط حرّم الثلثين معاً على الزارع ، وإذا أخذهما بموجب هذا الشرط فقد أخذ حراماً.
وفي كلام محكيّ عن ابن الجنيد كون سبب الحرمة دخوله في عنوان الربا حيث قال : «ولا بأس باشتراك العمّال بأموالهم وأبدانهم في مزارعة الأرض وإجارتها إذا كان
__________________
(١) هو الفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٥٦.
(٢) الرياض ٨ : ٣٩٦ / ١٤ : ٣٣٦ ـ ٣٣٨.
(٣) المكاسب ٦ : ٥٦.