لأنّه من الإجبار على الاشتراء ، وهو مع الإجبار على البيع سيّان في الحرمة. والأصل في ذلك بناء العقود شرعاً وعقلاً نصّاً وإجماعاً على رضا الطرفين ، ومن شئونه ما ورد من «أنّه لا يحلّ مال امرئ إلّا بطيب نفسه» (١).
ولا ينتقض ذلك بإجبار الحاكم في بعض الموارد المالك على بعض ماله لأداء حقّ واجب عليه وإن امتنع يتولّى بيعه الحاكم ، لأنّه عبارة عن الإجبار على البيع عن الرضا وطيب النفس وإن امتنع يتولّى الحاكم ، لأنّ الشارع أسقط حينئذٍ رضا المالك وأقام رضا الحاكم مقام رضاه.
ومن جزئيّات القاعدة ما أفتى به الفاضلان في الشرائع (٢) والتذكرة (٣) وغيرهما من جواز اشتراء البائع متاعه ممّن باعه منه بشرط أن لا يشرط في بيعه الأوّل بيعه منه. وظاهر عبارة الحدائق كون هذا الشرط وفاقيّاً بين أهل القول بصحّة الاشتراء ، وعلى اعتبار هذا الشرط حمل ما رواه الحسين بن المنذر قال : «قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : يجيئني الرجل فيطلب العينة فأشتري له المتاع مرابحة ثمّ أبيعه إيّاه ثمّ أشتريه منه مكاني ، قال : إذا كان بالخيار إن شاء باع وإن شاء لم يبع وكنت أنت بالخيار إن شئت اشتريت وإن شئت لم تشتر فلا بأس ...» (٤) الخ ، قال : وفي هذا الخبر إيماء إلى أنّه مع الشرط لا يصحّ البيع» (٥).
وأظهر منه في ذلك ما رواه في قرب الإسناد عن عليّ بن جعفر عن أخيه موسى عليهالسلام قال : «سألته عن رجل باع ثوباً بعشرة دراهم ثمّ اشتراه بخمسة دراهم يحلّ؟ قال : إذا لم يشترط ورضيا فلا بأس» (٦).
أقول : وفي معناهما روايات مستفيضة اخر ، فوجه المنع من الاشتراط على ما بيّنّاه ليس لزوم الدور كما فهمه العلّامة في التذكرة ٧ ولا عدم حصول القصد إلى نقله عن البائع ، لاندفاع الأوّل بأنّ الموقوف على حصول الشرط هو لزوم البيع الأوّل لا إفادته الملكيّة للمشتري ، واندفاع الثاني بأنّ الفرض حصول القصد.
__________________
(١) الوسائل ٥ : ١٢٠ / ٣ ، ب ٣ مكان المصلّي.
(٢) الشرائع ٢ : ٢٨.
(٣) ٣ و ٧ التذكرة ١٠ : ٢٥١.
(٤) الوسائل ١٨ : ٤١ / ٤ ، ب ٥ أحكام العقود ، التهذيب ٧ : ٥١ / ٢٢٣.
(٥) الحدائق ١٨ : ١٢٨.
(٦) الوسائل ١٨ : ٤٢ / ٦ ، ب ٥ أحكام العقود ، قرب الإسناد : ١١٤.