وبالجملة شرط اشتراء المتاع في ضمن العقد اللازم على وجه يكون مفاده إلزام المشروط عليه بالاشتراء وإجباره عليه وإن لم يشأه ولا يرضى به من الشرط المحلّل للحرام ، لأنّ إلزام الإنسان باشتراء ما لم يشأ اشتراءه ولا يرضى به حرام ولا يضرّ قصده من غير شرط. وما ذكرناه في ردّ الاستدلال أولى وأسدّ ممّا ذكره في الرياض ومن تبعه «من أنّها محمولة على اللزوم وعلى ما بعد الرجوع جمعاً بينها وبين ما دلّ على الإباحة بالتراضي من الإجماع في الغنية (١) وشرح القواعد (٢) وعدم الخلاف بين الطائفة» (٣) كما يظهر بالتأمّل للمنصف.
واستدلّ على القول بالإباحة بعد نفي البيعيّة لما تقدّم في الجهة الاولى لنفي النقل والانتقال بالأصل ولإباحة التصرّفات بإجماع الغنية ـ كما أشار إليه السيّد (٤) في كلامه المتقدّم ـ وبسيرة المسلمين كافّة.
ونفي البيعيّة مندفع بما مرّ في الجهة الاولى مشروحاً ، والأصل مندفع بما تقدّم من أدلّة الصحّة ، وإجماع الغنية بعدم مقاومته السيرة القائمة بالملكيّة من ابتداء الأمر وإجراء أحكامها ، والسيرة مندفعة بأنّها [لا] تثبت أزيد من إباحة التصرّفات. مع أنّ الإباحة المجرّدة عن الملك إن اريد بها الإباحة المالكيّة ، فهي غير مقصودة للمتعاطيين بل المقصود هو التمليك والتملّك الّذي من أحكامه شرعاً جواز التصرّفات قصده المتبايعان أو لا فما قصداه لم يقع وما وقع لم يقصداه فيبطل ، وإن اريد بها الإباحة الشرعيّة فلا بدّ لها من دليل وأدلّة إثباتها على ما عرفت مدخولة.
وممّا يرد على هذا القول أنّه لو لا الملك في الأموال المأخوذة بالمعاطاة لأشكل الحال في وطء الجارية ولمسها وسائر الاستمتاعات بها ، لأنّ حلّ هذه الامور إمّا بملك اليمين أو التحليل أو النكاح والكلّ منتف ، أمّا انتفاء الأوّل فلأنّه المفروض ، وأمّا انتفاء الثاني فلأنّ له صيغة مخصوصة ولم يتحقّق من مالكها في المقام ، وأمّا انتفاء الثالث فواضح. وكذلك الإشكال في عتقها إذ لا عتق إلّا في ملك ، وإرثها إذ الوارث يتلقّى
__________________
(١) الغنية : ٥٨٦.
(٢) جامع المقاصد ٤ : ٥٨.
(٣) الرياض ٨ : ٢١٤.
(٤) الرياض ٨ : ٢١٤.