والصلح والصدقة وجميع العقود ممّا يتعلّق بتمليك الأعيان أو المنافع عليه ، وتعلّق العتق والوقف والحبس والرهن والربى والنذور والايمان والوصايا ونحوها به ، وكذا حكم المواريث والأخماس والزكوات واستطاعة الحجّ ، والنظر إلى الجواري ولمسهنّ ووطئهنّ وتحليلهنّ وتزويجهنّ ونحو ذلك ، فيلزم إمّا إنكار ما جاز بداهة أو إثبات قواعد جديدة» (١) انتهى.
أقول : بطلان اللازم الأوّل واضح ، لأنّ الضرورة والسيرة القاطعة لا تقابل بالإنكار. وأمّا بطلان اللازم فالإذعان به يستدعي ذكر القواعد الجديدة الّتي ذكرها ونقلها بعين عبارته قدسسره.
فأوّل ما ذكره من القواعد قوله : «إنّ العقود وما يقوم مقامها لا تتبع القصود ، وقصد الملك والتملّك عند المعاملة والبناء عليهما لا محض الإباحة لا ينافيها» انتهى.
وملخّصه : أنّ قضيّة هذا القول وقوع الإباحة الغير المقصودة في محلّ قصد الملك والتملّك دونهما ، وهو باطل لأنّ العقود تتبع القصود فما قصد لم يقع وما وقع لم يقصد.
ونوقش بأنّه ليس إحداثاً لقاعدة جديدة بل هو تخصيص لقاعدة شرعيّة ، ويكفي في دليله الإجماع المنقول على نفي البيعيّة ، وقوله عليهالسلام : «إنّما يحلّل الكلام ويحرّم الكلام» على نفي الملكيّة وإنّما صيّر إلى الإباحة مع عدم كونها مقصودة لقضاء السيرة القاطعة بذلك ، وظاهر أنّ المرء متعبّد بالدليل الشرعي فلزوم مخالفة القاعدة غير ضائر.
ويدفعه ـ بعد الإغماض عمّا يرد منقول الإجماع على نفي البيعيّة وعلى دلالة الرواية ممّا ذكرناه مشروحاً ـ أنّ هذه السيرة المتمسّك بها على اختيار الإباحة الغير المقصودة بنفسها على بطلان دعوى تخصيص القاعدة وفساد دليله ، وذلك لأنّها قديماً وحديثاً مستقرّة في الالتزام بالبيعيّة والالتزام بالملكيّة والالتزام بجواز عموم التصرّفات ، على أنّه من أثار الملك لا على أنّه من توابع الإباحة المالكيّة.
وثانيها : أنّ إرادة التصرّف من المملّكات فتملّك العين والمنفعة بإرادة التصرّف بها أو معه دفعة وإن لم يخطر ببال المالك الأوّل الإذن في شيء من هذه التصرّفات لأنّه
__________________
(١) شرح القواعد ٢ : ٢٢ ـ ٢٣.