الصيغة المخصوصة كما هو الظاهر لا مخالفتهما في دعوى البيعيّة أو الصحّة.
ومنه ما تقدّم من السيّد في الغنية بعد قوله : «فإنّ ذلك ليس ببيع وإنّما هو إباحة للتصرّف بناءً على أنّه نصّ في الإجماع على نفي اللزوم وإن كان ظاهراً في الإجماع على نفي الملك فيؤخذ بنصّه ويطرح ظاهره جمعاً بينه وبين السيرة الصريحة في إفادته الملك كما قيل.
ومنه ما في كلام بعض مشايخنا من دعوى ظهوره بقوله : «إنّ الظاهر فيما نحن فيه قيام الإجماع على عدم لزوم المعاطاة ، قال : بل ادّعاه صريحاً بعض الأساطين ويعضده الشهرة المحقّقة ، وقال بُعيد ذلك أيضاً : والإجماع وإن لم يكن محقّقاً على وجه يوجب القطع إلّا أنّ المظنون قويّاً تحقّقه على عدم اللزوم مع عدم لفظ دالّ على إنشاء التمليك سواء لم يوجد لفظ أصلاً أم وجد ولكن لا لإنشاء التمليك بل ليكون قرينة على قصد التمليك من التقابض» (١).
وأمّا الشهرة فتحقّقها بين المتأخّرين واضح ولا يستراب فيه وحكاها غير واحد كما حكاها شيخنا في عبارته المتقدّمة ، وممّن حكاها المحقّق الثاني في كلامه المتقدّم عند نقل الأقوال حيث قال : «المعروف بين الأصحاب أنّ المعاطاة بيع وإن لم يكن كالعقد في اللزوم» (٢).
ولا تتوهّن الإجماعات المذكورة بمخالفة المفيد إمّا لعدم صراحة عبارته في دعوى اللزوم بدون الصيغة أو لشذوذه ومعلوميّة نسبه فلا يقدح مخالفته في الإجماع خصوصاً على طريقة المتأخّرين في تحصيل الإجماع من ابتنائه على الحدس.
ومن ذلك ظهر عدم قدح مخالفة من تبعه من متأخّري المحدّثين. وكذلك لا يقدح فيه ما في كلام العلّامة في التحرير من قوله : «الأقوى أنّ المعاطاة غير لازمة» (٣) مشعراً بوجود القول باللزوم وإن كان خلاف الأقوى إمّا لاحتمال كونه إشارة إلى خلاف العامّة أو إلى عبارة المفيد الغير الصريحة وقد عرفت حالها.
نعم قد يناقش في الإجماع بأنّ قول الأكثر من المجمعين وهم القائلون بالإباحة
__________________
(١) المكاسب ٣ : ٥٦ ـ ٥٩.
(٢) جامع المقاصد ٤ : ٥٨.
(٣) التحرير ١ : ١٦٤.