السلطنة المجعولة بالأدلّة المتقدّمة المقامة على أنّ المعاطاة بيع مفيد للملك ، على أنّا نقول : إنّا قد فرغنا عن إثبات كونها بيعاً مفيداً للملك بالأدلّة المتقدّمة الّتي منها السيرة القطعيّة الكاشفة عن رأي المعصوم في ذلك ، وبذلك ينتفي احتمال وجود السلطنة من مقتضى بقاء الملك السابق المقتضية للجواز ، غاية الأمر أنّه يبقى الشكّ في أنّه هل جعل الشارع لكلّ منهما سلطنة على صاحبه باسترجاع ما نقله إليه وملكه له أو لا؟ ومنشأ هذا الشكّ هو الشكّ في اللزوم والجواز.
ولا ريب أنّ الإجماعات المنقولة المعتضدة بالشهرة محقّقة ومحكيّة توجب الظنّ بأصل الجواز وهو الظنّ باستناد إلى السلطنة المجعولة ، ومرجعه إلى الظنّ بأنّ الشارع جعل لهما سلطنة مقتضية لجواز الرجوع ، فنثبت مجموع المقيّد وقيده بمجموع الأدلّة المتقدّمة والإجماعات المنقولة المعتضدة بالشهرة ، فأصل الجواز نثبته بالإجماعات وقيده بالأدلّة المتقدّمة القاضية بانتفاء القيد ، فعلى هذا تنهض الإجماعات المعتضدة بالشهرة من حيث إفادتها الظنّ الاطمئناني مخرجة عن الأصل العملي ومخصّصة للأصل الاجتهادي المقتضيين للّزوم.
وبما بيّنّاه يندفع نحو المناقشة المذكورة لو اورد على التقرير الأوّل من الإجماع أيضاً. فالإجماع بكلا تقريريه ينهض دليلاً على نفي اللزوم في المعاطاة بجميع صورها المتقدّم إليها الإشارة ، وهي إحدى وعشرين من خمس وعشرين صورة ، وقضيّة ذلك عدم كفاية مطلق اللفظ الغير الجامع للشرائط المعتبرة في الصيغة فيما لو كان الدالّ على التراضي هو اللفظ في اللزوم ، فإنّ الإجماع بكلا تقريريه يدلّ على عدم كفاية ذلك أيضاً في اللزوم وإن كان الإجماع بالتقرير الأوّل أصرح في الدلالة على ذلك منه بالتقرير الثاني. خلافاً لبعض معاصري (١) الشهيد الثاني القائل بكفاية مطلق اللفظ في اللزوم ، ودليله على ما قيل ما دلّ على اعتبار اللفظ في اللزوم ، والظاهر أنّ المقصود بذلك ما تقدّم من قوله عليهالسلام : «إنّما يحلّل الكلام ويحرّم الكلام» ويفسده بعد الإغماض عمّا بيّنّاه في منع دلالة ذلك على ما نحن فيه أنّه إن تمّ دليلاً لأفاد اعتبار اللفظ الخاصّ
__________________
(١) هو السيّد حسن بن السيّد جعفر على ما في مفتاح الكرامة ١٢ : ٥٠٥.