إمّا أن تكون من نجس العين كالكلب والخنزير ، أو من طاهر العين ، وعلى الثاني إمّا أن تكون من ذات النفس السائلة كالحمير والبغال والبرازين وغيرها ، أو من غير ذات النفس السائلة كالسمك والجرادة وغيرها.
أمّا النوع الأوّل : فلا إشكال بل لا خلاف في حرمة المعاوضة بل مطلق المعاملة عليها ، ولا في عدم جواز الانتفاع بها مطلقاً ، ولا في عدم جريان ملك المسلم عليها ابتداءً واستدامةً فيما كانت من الكلاب الأربع ، من غير فرق في هذه الأحكام بين الميتة بجملتها أو بأبعاضها ممّا تحلّه الحياة من أجزائها وغيرها ، فإنّ الكلّ من وجوه النجس ، والدليل على الكلّ في الكلّ ـ بعد ظهور الإجماع بل الإجماعات المنقولة على ما قيل ـ عموم رواية تحف العقول الّتي دلالتها على تحريم البيع للجملة في مواضع منها.
وهل يستثنى من أجزاء ميتة الخنزير شعرها للانتفاع به باتّخاذ حبل يستقى به أو لا؟ أقوال ، ثالثها الفرق بين ما لا دسومة فيه فيجوز وما فيه دسومة فلا يجوز ، وعلى الاستثناء ففي كونه من حلّ الانتفاع أو من حلّ المنفعة ليحلّ بيعه في تلك المنفعة وجهان ، وتحقيق القول في هذين الفرعين يأتي عند الكلام في الخنزير ، فإنّ الاختلاف في الانتفاع بشعر الخنزير على الوجه المذكور واقع ثمّة ، وظاهر إطلاقهم عدم الفرق بين ما لو اخذ الشعر من الحيّ أو من الميتة.
وأمّا النوع الثاني : وهو ميتة طاهر العين ممّا له نفس سائلة ، فالمعروف بين الأصحاب من غير خلاف يظهر حرمة المعاوضة عليها ، بل في المنتهى (١) دعوى إجماع المسلمين كافّة على تحريم بيع الميتة. ويدلّ عليه من الروايات (٢) كلّما دلّ على سحتيّة ثمن الميتة ورواية تحف العقول في مواضع عديدة منها ، وعلى تحريم مطلق المعاوضة بل المعاملة عليها عموم قوله : «فجميع تقلّبه في ذلك حرام». كما يدلّ على حرمة الانتفاع بها بجميع وجوهه حتّى إطعام السباع والطيور والبزازين.
ويدلّ على عدم جريان ملك المسلم عليها ابتداءً واستدامةً عموم قوله عليهالسلام : «ومنهيّ
__________________
(١) المنتهى ٢ : ١٠٠٨.
(٢) الوسائل ١٧ : ٩٤ / ٥ و ٨ و ٩ ، ب ٥ ما يكتسب به ، الفقيه ٣ : ١٠٥ / ٤٣٥ و ٨٢٤.