عموم قوله تعالى : «أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ» وإطلاق قوله تعالى : «تِجارَةً عَنْ تَراضٍ» ورجع اعتبار هذا الشرط في المعاطاة إلى أنّ من الشرائط المعتبرة في الصيغة المخصوصة ما هو معتبر فيها وهو قصد إنشاء التمليك والتملّك. فما قد يوجد في بعض عبائرهم في بيان ضابط المعاطاة الجامع لصورها الممتاز به عن البيع بالصيغة المخصوصة أنّ كلّما لم يشتمل على الصيغة المخصوصة سواء لم يشتمل على صيغة لفظيّة أصلاً أو اشتمل على صيغة مع اختلال شرائط الصيغة المخصوصة كلّها أو بعضها فهو معاطاة بالنسبة إلى اختلال جميع الشرائط ، ليس على إطلاقه.
وباشتراط الشرط المذكور في المعاطاة البيعيّة خرج صور منها ، وهي ما لو قصد المتعاطيان بالفعل أو القول أو هما معاً إنشاء إباحة التصرّفات أي الإذن فيها ، وما لو لم يقصدا شيئاً من إنشاء التمليك ولا الإباحة ، وما لو قصدا عدم التمليك وعدم الإباحة كما يتحقّق ذلك في مورد الإكراه ، والجامع بينهما وقوع المعاطاة لا على وجه التراضي.
ولا إشكال في فسادها فيهما خصوصاً ثانيتهما حتّى بالنسبة إلى إفادة الإباحة المقتضية لجواز التصرّف ، فلا يجوز لكلّ منهما التصرّف في المال المدفوع إليه لأصالة حرمة التصرّف في مال الغير من دون إذن مالكه ، ويجب على كلّ ردّ ما أخذه إلى مالكه ، ولو تلف في يده كان في ضمانه مثلاً أو قيمة.
وأمّا الصورة الاولى فلا ينبغي التأمّل في عدم انعقادها بيعاً لانتفاء قصد التمليك والتملّك ولا في فسادها من حيث إفادتها الملك ، وهل تقع صحيحة من حيث إفادة إباحة التصرّفات؟ الوجه نعم ، لعموم «الناس مسلّطون على أموالهم» كما يفيدها إحضار المالك الطعام للضيف وإعطاؤه طعاماً أو ماءً أو غيرهما من المأكول أو المشروب أو نحوهما لصاحبه أو رفيقه أو غيره ليأكله أو يشربه أو يستعمله للعموم المذكور ، غاية الأمر أنّ هذا ونظائره إباحة مجّانيّة وما نحن فيه إباحة معوّضة أو مشروطة بالعوض ، مع كون مقصودهما التعويض بين المالين إلّا أنّ جواز التصرّف لكلّ منهما مراعى في استمراره وعدم استمراره ببقاء الإذن والرضا في نفس المالكين ، فلو علم أحدهما أو كلاهما زوال الإذن والرضا عن ضمير المالك لم يجز له أو لهما التصرّف بعده ووجب ردّ ما بيده إلى مالكه واسترداد ماله ، ولو علما بقاء الإذن والرضا فلا إشكال. ولو شكّ