أحدهما أو كلاهما في البقاء والارتفاع ففي التعويل على استصحاب الحالة السابقة إلى أن يحصل اليقين بالارتفاع وجه قويّ ، لا يعارضه أصالة حرمة التصرّف في مال الغير ، لأنّه ليس بغير إذن المالك بحكم الاستصحاب الّذي هو علم شرعي لإحراز إذن المالك. وهذا ليس من مسألة الإذن بشاهد الحال حتّى يعتبر فيه كونها مفيدة للقطع.
ثمّ إنّهما إن قصدا إباحة التصرّفات في الجملة وجب الاقتصار منهما على المتيقّن ممّا دخل منها في الإذن ، ولا يجوز التعدّي إلى غيره حتّى ما لو شكّ شمول الإذن له ، لأصالة عدم الإذن.
وإن قصدا إباحة كلّ تصرّف حتّى يكون إنشاء الإباحة المقصودة على هذا الوجه بمنزلة أن يقول كلّ منهما : «أبحت لك كلّ تصرّف» فلا يخلو إمّا أن يكون في قصدهما تعميم الإذن بالقياس إلى التصرّفات الغير المتوقّفة على الملك أو تعميمه بالقياس إلى مطلق التصرّفات حتّى المتوقّفة منها على الملك.
ففي الصورة الاولى يجب الاقتصار على التصرّفات المأذون فيها ، فلا يجوز التعدّي منها إلى غيرها من التصرّفات المتوقّفة على الملك.
وأمّا الصورة الثانية ففي الجارية ينبغي القطع بعدم حلّ الوطء وما يلحق به من سائر الاستمتاعات بمجرّد الإباحة المذكورة لانحصار مجوّزه في ملك اليمين والتحليل والنكاح اللذين لكلّ منهما صيغة خاصّة والمفروض عدم حصول شيء منهما بمجرّد إنشاء الإباحة. وتوهّم : أنّها في خصوص هذا التصرّف بمنزلة التمليك أو صيغة التحليل أو صيغة النكاح ، ممّا لا ينبغي الإصغاء إليه.
وإن اريد به التنزيل الشرعي لفقد ما يدلّ عليه في الشرع وإذن المالك بمجرّدها لا تصلح مشرّعة لما يكون مشروعيّته عن سبب خاصّ لم يتحقّق بالفرض.
وفي نحو البيع والشراء والعتق والوقف والصدقة إن قصدا بإنشاء إباحة هذه التصرّفات الإذن فيها ليحصل الآثار المقصودة منها من ملك الثمن أو المثمن والتقرّب إلى الله سبحانه المترتّب على العمل المقرون بنيّة القربة للمبيح ، فالظاهر عدم الإشكال في الصحّة لأنّ الإباحة والإذن في التصرّف على هذا الوجه تكون توكيلاً من المالك في هذه المعاملات والمفروض قبولها النيابة.