العطاء من الجانبين ولم يحصل والاقتصار فيما خرج عن الأصل على موضع اليقين إن كان ، ومن صدق التراضي على المعاوضة وتلف العين المدّعى كونه كافياً في التقابض من الجانبين ، والظاهر أنّ الحكم واحد وقد ذكر أوّلهما شيخنا الشهيد رحمهالله في الدروس وألحقه بها» (١) انتهى.
وقد ظهر أنّ العمدة من منشأ الإشكال هو عدم تحقّق معنى المفاعلة بإعطاء أحد العوضين وأخذه ، والمعاطاة مفاعلة فلا تصدق على المعاملة المذكورة.
ويدفعه أوّلاً : منع عدم الصدق لما ذكرناه غير مرّة وفاقاً لجماعة من أنّ المعاطاة عندهم اصطلاح في كلّ معاوضة خالية عن الصيغة المخصوصة ، سواء خلت عن اللفظ مطلقاً أو لا ، والظاهر أنّ بناء هذا الاصطلاح على اعتبار تحقّق معنى المفاعلة ، فالمعاطاة بحسب هذا الاصطلاح صادقة على ما نحن فيه.
وثانياً : أنّه لو سلّم عدم صدقها ولو بالنظر إلى الاصطلاح ، ولكن نقول : إنّه غير قادح في لحوق أحكامها على ما نحن فيه ، فإنّها ليست عنواناً اخذ في أدلّة تلك الأحكام ليقدح عدم صدقها في شمول تلك الأدلّة بل المأخوذ فيها عنوان العقد والبيع والتجارة ، والمعاطاة غير مذكورة في الكتاب والسنّة وغيرهما. نعم إنّما اخذت في معقد إجماع الغنية ولكنّه غير مضرّ في لحوق الأحكام على ما نحن فيه ، لأنّ إجماع الغنية ليس من أدلّة القول المختار بل من أدلّة القول بالإباحة المتضمّنة لنفي البيعيّة والصحّة بمعنى إفادة الملكيّة.
فالعمدة النظر في صدق العناوين المأخوذة في الأدلّة من العقد والبيع والتجارة ، والظاهر صدق الجميع ، أمّا العقد فلتحقّق الربط المعنوي بقصد التمليك على أحد الوجهين المتقدّم ذكرهما في عنوان المسألة. وأمّا البيع فلصدق تمليك العين على وجه التعويض وإبدال مال بعوض ، نظراً إلى أنّ العين والمال والعوض أعمّ من الكلّي في الذمّة والشخص الخارجي. وأمّا التجارة فلأنّ هذا النحو من التمليك أيضاً نوع من التجارة بمعنى الاكتساب فيشمله الأدلّة بأجمعها حتّى السيرة ، لتداول ذلك أيضاً بين المسلمين.
__________________
(١) المسالك ٣ : ١٥١.