في إجراء حكم الأملاك على ما اخذ بالمعاطاة من إيقاع عقد البيع والإجارة والهبة والصلح والصدقة وجميع العقود ممّا يتعلّق بتمليك الأعيان أو المنافع عليه ...» (١) إلى آخر ما ذكره ممّا لا يتعلّق بما نحن فيه.
ومن مشايخنا أيضاً من جزم بقيام السيرة على جريانها في كلّ باب وعنوان حتّى السبق والرماية والأوقاف كوقف المساجد والقناديل في الروضات المتبرّكة والحصر وبواري المساجد والمدارس ، حيث لم نر أحداً من المسلمين من لدن صاحب الشريعة إلى الآن أنّه التزم بإجراء صيغة خاصّة ، بل نراهم في جميع الأعصار والأمصار أنّهم يكتفون بمجرّد الأفعال مع القصد.
ونسب إلى المحقّق الثاني (٢) الجزم بجريانها في مثل الإجارة والهبة والقرض ، والاستشكال في الرهن ، ووجّه بما محصّله اعتبار الوثوق في مفهوم الرهن وهو غير حاصل مع الجواز إن قلنا بكون معاطاته جائزة كمعاطاة البيع ، ولو قلنا فيها باللزوم في الرهن فقط كان مخالفاً لما أطبقوا عليه من توقّف العقود اللازمة على اللفظ والمفروض عدم أوله إلى اللزوم بإتلاف أو تصرّف حتّى يقال بحصول الوثيقة في بعض الأحيان وبه الكفاية في انعقاد مفهومه الّذي قوامه بالوثوق.
وفي المسالك «ذكر بعض الأصحاب ورود المعاطاة في الإجارة والهبة بأن يأمره بعمل معيّن ويعيّن له عوضاً فيستحقّ الاجرة بالعمل ، ولو كان إجارة فاسدة لم يستحقّ شيئاً مع علمه بالفساد بل لم يجز له العمل والتصرّف في ملك المستأجر مع إطباقهم على جواز ذلك واستحقاق الأجر إنّما الكلام في تسميته معاطاة في الإجارة ، وذكر في مثال الهبة ما لو وهبه بغير عقد فيجوز للقابض إتلافه وتملّكه به ولو كانت هبة فاسدة لم تجز ، ولا بأس إلّا أنّ في مثال الهبة نظراً من حيث إنّ الهبة لا تختصّ بلفظ بل كلّ لفظ يدلّ على التمليك بغير عوض كافٍ فيها كما ذكروه في بابه ، وجواز التصرّف في المثال المذكور موقوف على وجود لفظ يدلّ عليها فيكون كافياً في الإيجاب اللهمّ إلّا أن يعتبر القبول القولي مع ذلك ولا يحصل في المثال فيتّجه ما قاله» (٣) انتهى.
__________________
(١) شرح القواعد ٢ : ٢٢.
(٢) جامع المقاصد ٤ : ٥٩.
(٣) المسالك ٣ : ١٥١ ـ ١٥٢.