جواز الانتفاع من الميتة بشيء ، وقد تقدّم (١) الإشارة إلى بعضها المصرّح بأنّه لا ينتفع من الميتة بإهاب ولا عصب.
وثانياً : القدح في سندها لجهالة الراوي ، فإنّ أبا القاسم الصيقل غير مذكور في الرجال بمدح ولا قدح ، ويتأكّد ضعفها بإعراض الأصحاب عن العمل بها في تجويز التكسّب والانتفاع بقول مطلق.
وثالثاً : أنّها محتملة للتقيّة لموافقتها مذهب العامّة القائلة بطهارة جلد الميتة بالدبغ ، وربّما يشعر بها الإضراب في الجواب عمّا سئل عنه فأجاب بما لا يوافق السؤال ، مع أنّ المكاتبة يحتمل فيها من التقيّة ما لا يحتمل في غيرها ، والتقرير مع كونه دلالة ضعيفة إنّما يكشف عن الرضا حيث لم يكن لعدم الردع جهة إلّا الرضا ، ولا يكون إلّا حيث ينتفي احتمال التقيّة.
ورابعاً : منع الدلالة ، فإنّ الجواب لا ظهور له في الجواز إلّا من حيث التقرير الغير الظاهر في الرضا مع قيام احتمال التقيّة.
وقد يقال في منع الدلالة بالقياس إلى البيع والتكسّب : إنّ مورد السؤال عمل السيوف وبيعها وشراؤها ، لا خصوص الغلاف مستقلّاً ولا في ضمن السيف على أن يكون جزء من الثمن في مقابل عين الجلد ، فغاية ما يدلّ عليه جواز الانتفاع بجلد الميتة بجعله غمداً للسيف وهو لا ينافي عدم جواز معاوضته بالمال.
وفيه : أنّه تفكيك غير سائغ بين فقرات السؤال فإنّ مورده عمل جلود الميتة وبيعها وشراؤها ومسّها فإن دلّ الجواب على الجواز في الأوّل دلّ عليه في البواقي ، وإن لم يدلّ عليه في البواقي لم يدلّ عليه في الأوّل والتفكيك غير معقول. والإنصاف أنّ في عدم تعرّضه عليهالسلام لتجويز هذه الامور صراحة والاقتصار في الجواب على بيان العلاج للصلاة دلالة على مبغوضيّة هذه الامور في نظره عليهالسلام وعدم رضاه بشيء منها ، وإنّما لم يصرّح به لمانع وهو خوف الإشاعة المنافية للتقيّة.
ولكثير ممّا ذكرناه من الوجوه يظهر الجواب عن رواية قاسم الصيقل قال : «كتبت
__________________
(١) تقدّم في الصفحة ٦٠ الرقم ٥.