إلى الرضا عليهالسلام إنّي أعمل أغماد السيوف من جلود الحمر الميتة فتصيب ثيابي فاصلّي فيها؟ كتب إليّ اتّخذ ثوباً لصلاتك ، فكتبت إلى أبي جعفر الثاني عليهالسلام إنّي كتبت إلى أبيك عليهالسلام بكذا وكذا فصعّب عليّ ذلك ، فصرت أعملها من جلود الحمر الوحشيّة الذكيّة ، فكتب إليّ كلّ أعمال البرّ بالصبر يرحمك الله فإن كان ما يعمل وحشيّاً ذكيّاً فلا بأس» (١).
بل هذا باعتبار المفهوم ربّما يدلّ على المنع من عمل جلود الميتة.
كما يظهر الجواب أيضاً عن خبر حسين بن زرارة عن أبي عبد الله عليهالسلام «في جلد شاة ميتة يدبغ فيصيب فيه اللبن أو الماء فأشرب منه وأتوضّأ؟ قال : نعم ، وقال : يدبغ فينتفع به ولا يصلّي فيه» (٢) بل هذا لمخالفته عدّة قواعد محكّمة من المذهب ـ من عدم طهر جلد الميتة بالدبغ ، وحرمة شرب الماء المتنجّس ، وحرمة التوضّي وعدم صحّته بالماء المتنجّس ـ مطروح أو محمول على التقيّة ، كما هو المصرّح به في كلام جماعة منهم صاحب الوسائل (٣).
واختلف الأصحاب في الاستقاء بجلد الميتة في غير مشروط بالطهارة ـ من المأكول والمشروب والوضوء والصلاة ـ كسقي الدوابّ والمزارع والبساتين وما أشبه ذلك ، فالمشهور المنع ، وذهب جماعة كالشيخ في النهاية (٤) والفاضلين في الشرائع (٥) والنافع (٦) والإرشاد (٧) إلى الجواز ، ولقد أفرط الصدوق في المقنع (٨) فجوّز الاستقاء بجلد الخنزير ، وهو يعطي جوازه في غيره من جلود الميتة بطريق أولى.
والأقوى المشهور ، لعموم أدلّة المنع من الانتفاع بالميتة المتناول لجلدها أيضاً ، وشذوذ القول بالجواز مع عدم مستند له ، سوى ما أشار إليه الشهيد الثاني في المسالك «من الأصل وكون النجاسة غير مانعة من أصل الاستعمال» (٩) ويدفعه : أنّ الأصل يخرج منه بدليل المنع ، وأنّ النجاسة العينيّة مانعة من مطلق الاستعمال كما أنّها مانعة من المعاوضة بالمال. ويكفي في دليله عموم قوله عليهالسلام : «فجميع تقلّبه في ذلك حرام» بعد
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٤٨٩ / ١ ، ب ٤٩ أبواب النجاسات ، التهذيب ٢ : ٣٥٨ / ١٤٨٥.
(٢) الوسائل ٢٤ / ١٨٦ / ٧ ، ب ٣٤ الأطعمة المحرّمة ، التهذيب ٩ : ٧٨ / ٣٣٢.
(٣) الوسائل ٢٤ : ١٨٦.
(٤) النهاية ٣ : ١٠١.
(٥) الشرائع ٣ : ٢٢٧. (٦) النافع : ٢٤.
(٧) الإرشاد ٢ : ١١٣. (٨) المقنع : ١٨.
(٩) المسالك ٢ : ٢٤٧.