مع مالك المال الممتزج به ومعها يمكن الترادّ بالقسمة ، والفرق بين المزج بالأجود فتلزم ـ لئلّا يلزم الضرر على مالك الأجود بذهاب بعض من أجوده إلى مالك غير الأجود ـ وبين المزج بالمساوي أو الأردأ فلا تلزم ، والفرق بين القول بالملك فسقط الرجوع لامتناع التراد والقول بالإباحة فلا يسقط لأنّ الأصل بقاء تسلّط المالك على ماله الممتزج بمال الغير فيكون شريكاً. والقول المحقّق من هذه الوجوه في اثنين منها ، أحدهما : الوجه الأوّل نسب القول به في المسالك إلى جماعة فيما يأتي من عبارته ، والآخر : الوجه الأخير اختاره شيخنا (١) قدسسره.
وأمّا الوجه الثالث فقد ذكره في المسالك احتمالاً لا اختياراً حيث قال : «لو اشتبهت بغيرها أو امتزجت بحيث لا يتميّز فإن كان بالأجود فكالتلف ، وإن كان بالمساوي أو الأردأ احتمل كونه كذلك لامتناع الترادّ على الوجه الأوّل واختاره جماعة ، ويحتمل العدم في الجميع لأصالة البقاء» (٢) انتهى.
ومن ذيل العبارة يلوح أنّه ذكر الوجه الأوّل احتمالاً لظهور الجميع في الثلاثة ، ولو حمل على إرادة المساوي والأردأ كان ذكراً للوجه الثالث احتمالاً ، وكيف كان فأصحّ الوجوه وأقواها هو الوجه الأوّل وفاقاً للجماعة ، لامتناع الترادّ بقول مطلق ، فإنّ دليل الجواز في المعاطاة إنّما اقتضى جواز الترادّ ما دام ممكناً وحيث امتنع كما فيما نحن فيه سقط الجواز.
لا يقال : إنّ الترادّ ممكن بالقسمة بعد التزام حصول الشركة. لأنّ الشركة المتوهّمة إن اريد بها ما يحصل على القول بالملك فهو غير صحيح ، لأنّ القسمة في اصطلاح الشرع عبارة عن اجتماع حقوق الملّاك في مال على سبيل الإشاعة ، وما نحن فيه من اجتماع ملكي مالك واحد فلا يصدق عليه الشركة بالمعنى المذكور.
وإن اريد بها ما يحصل على القول بالإباحة ، وعليه فإن اريد بها الشركة بالمعنى الشرعي فلا موجب ، والأصل عدمها ، لأنّها تقتضي انتقالاً وتملّكاً لكلّ من المتعاطيين في كلّ جزء من أجزاء المالين على سبيل الإشاعة والأصل ينفيه. وتوهّم : أنّ هذا
__________________
(١) المكاسب ٣ : ٩٩.
(٢) المسالك ٣ : ١٥٠.