على الجواز ، كما أنّه لو توافقا على تحقّق شيء من الملزمات لا إشكال في اللزوم بل هو في معنى اتّفاقهما على اللزوم.
وإن اختلفا في الجواز واللزوم بأن ادّعى أحدهما الجواز وأنكره الآخر بادّعاء اللزوم فله صور ، لأنّه قد يكون اختلافهما لشبهة حكميّة كما لو اختلفا في ملزميّة ما اتّفقا على تحقّقه كالمزج مثلاً ، وقد يكون لشبهة موضوعيّة ، وهو قسمان :
أحدهما : ما لو اختلفا في تحقيق ما اتّفقا على ملزميّته كالتلف ونحوه.
وثانيهما : ما لو اختلفا في المتقدّم والمتأخّر من الفسخ وحصول الملزم بعد ما اتّفقا على حصولهما معاً ، فمدّعي الجواز ادّعى تقدّم الفسخ ليرجع بالعين أو عوضها مثلاً أو قيمة ، ومدّعي اللزوم ادّعى تقدّم حصول الملزم لئلّا يرجع صاحبه بالعين أو بدله ، فهذه صور ثلاث :
أمّا الصورة الاولى : فالحاكم بعد ترافعهما إليه يقضي بينهما بموجب فتواه ، كما هو ميزان القضاء في الشبهات الحكميّة.
وأمّا الصورة الثانية : فيقدّم فيها قول المدّعي للجواز المنكر لحصول الملزم سواء أطلق أو عيّن السبب ، لأصالة عدم حصوله مع أصالة بقاء الجواز.
ويشكل بامتناع الترادّ واقعاً لأنّ المدّعي لحصول الملزم قد يكون صادقاً في الواقع ، وعلى تقدير الكذب يمتنع الترادّ ظاهراً لأنّه لا يردّ العين بل لا يظهرها لئلّا يظهر كذبه ، فإن رجع المدّعي للجواز على تقدير تقديم قوله بالعين فهو ممتنع واقعاً وظاهراً أو ظاهراً ، وإن رجع بغرامة مثلاً أو قيمة بعد ردّ ما في يده ، فالأصل عدم استحقاقه لها ، وهذا الأصل منضمّاً إلى امتناع ترادّ العين يقتضي تقديم المدّعي للّزوم ، ويعارض الأصلين المذكورين.
ويمكن الذبّ بورود الأصلين عليه ، لسببيّة شكّيهما كما هو واضح.
ولكن قد يحتمل تقديم قول المدّعي للّزوم ، لأصالة بقاء الملك ، وأصالة اللزوم في العقود المستفاد من عموم «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» خرج منها المعاطاة في الحال المتقدّم على التداعي وبقى فيها الحال الاخرى المتأخّرة عن الحال الاولى.
وهو في غاية الضعف ألفساد الأصلين :