أمّا أصالة بقاء الملك ـ فمع أنّها لا تجري على القول بالإباحة ـ ليست في محلّها ، لعدم اختلافهما في بقاء الملك وعدم بقائه ، بل هما متّفقان على بقاء الملك إلّا أنّ المنكر لحصول الملزم يريد إلزام صاحبه بالجواز ليرجع عليه بعينه ويزيل برجوعه الملك ، والمدّعي لحصوله يريد منع ذلك فلا معنى لأصالة بقاء الملك.
ولو سلّم كونها في محلّها بتقريب أنّ النظر في إجرائها إلى ما بعد رجوع المدّعي للجواز فإنّه يشكّ حينئذٍ في تأثير رجوعه في زوال ملك المدّعي عليه وعدمه ، وأصالة البقاء يقتضي بقاءه ، ولكنّها تندفع بسببيّة شكّ الأصلين المذكورين لتقديم قول المدّعي للجواز كما لا يخفى.
وأمّا أصالة اللزوم : فلأنّها ممّا لا مقتضي له كما ذكرنا سابقاً ، لأنّ المعاطاة بجميع حالاتها مخرجة عن عموم آية الوفاء فلا مقتضي لأصالة اللزوم بالقياس إلى الحالة المتأخّرة عن الحالة الاولى ، ومع الغضّ عن ذلك فأصالة بقاء الجواز يقتضي عدم اللزوم ولا يلزم تخصيص العامّ بالاستصحاب لأنّه من استصحاب حكم المستثنى وهو المعاطاة لأنّها خرجت عن العامّ بالتخصيص ، ولا يبقى بعد خروجها عموم بالقياس إلى حالتها المتأخّرة عن التداعي ، نظراً إلى أن العموم الأحوالي في العامّ بالقياس إلى فرد منه تابع لعمومه الأفرادي فإذا خرج عنه الفرد بالتخصيص ارتفع عمومه الأحوالي أيضاً إلى حالات ذلك الفرد. نعم لو كان المخرج بالتخصيص حالة مخصوصة من الفرد لا ذاته ثمّ شكّ في خروج حالة اخرى له عن العموم بتخصيص آخر كان التمسّك بعمومه الأحوالي لنفي احتمال تخصيص آخر في محلّه ، وما نحن فيه ليس من هذا القبيل ، فاستصحاب حكم المستثنى بالنسبة إلى حالته المتأخّرة عن الحالة لا يزاحمه عموم دليل حكم المستثنى منه ليلزم من العمل به تخصيص العامّ ، فليتدبّر.
وأمّا الصورة الثالثة : فالظاهر أنّ الاختلاف في التقدّم والتأخّر لا يتأتّى إلّا على تقدير عدم كون الفسخ وحصول الملزم معلومي التاريخ وإلّا قدّم ما تقدّم تاريخه ، وحينئذٍ فإمّا أن يكون تاريخ أحدهما معلوماً والآخر مجهولاً ، أو يكونا مجهولي التاريخ ، وعلى الأوّل يقدّم ما علم تاريخه لأصالة تأخّر الحادث بالقياس إلى ما جهل تاريخه ، وعلى الثاني فهما بالقياس إلى أصالة [تأخّر الحادث] سيّان فيتعارض الأصل