بأحدهما على إرادة العجز للخرس الأصلي والعذر الخاصّ ، أو بدعوى أنّ المناط عند الكلّ هو العجز عن النطق مطلقاً بناءً على حمل الأخرس في كلام من عبّر به على إرادة المثال وتنزيل إطلاق العذر في كلام من عبّر به على إرادة العجز عن النطق خاصّة ، أو بدعوى أنّ المناط عند الكلّ هو العذر بقول مطلق بناءً على حمل الأخرس والعجز عن النطق في كلام من عبّر بأحدهما على إرادة المثال؟
والحقّ أنّ المسألة في كلامهم غير منقّحة بل لم نقف على من تعرّض لها أصلاً ، نعم قد عرفت في عبارة كاشف اللثام قوله «ولم نجد نصّاً من الأصحاب فيمن عجز لإكراه» (١) إلّا أنّه لم يتعرّض لتحقيق المقام.
ولكنّ الّذي ينبغي أن يقطع به بملاحظة فحاوى كلماتهم والإشارات الواقعة فيها وتعليلاتهم أنّ الحكم غير مقصور على الخرس الأصلي بل يكفي فيه عدم القدرة على النطق لآفة عارضة في اللسان ، نعم كفاية مطلق العذر حتّى ما كان لعدم فوات المصلحة أو لدفع المفسدة محلّ شكّ ، غير أنّ المشكوك فيه كفاية ذلك في اللزوم لا في انعقاد أصل البيع ولا صحّته وإفادته الملك ، فإنّا بنينا على أنّ الإشارة المفهمة مع عدم العذر قسم من المعاطاة المفيدة للبيعيّة والملكيّة فكيف بها مع العذر المذكور. فالإشكال في أنّ الإشارة في نحو هذه الصورة الّتي هي من صور العذر هل تفيد اللزوم أيضاً لتلحق بالبيع العقدي المفيد للّزوم أو لا تفيده حتّى تلحق بالمعاطاة؟.
وظاهر أنّه لا طريق لاستعلام هذا الحكم إلّا النظر في دليل كفاية الإشارة ، إلّا أنّه لم نقف على دليل عليه في النصوص ، وكأنّ دليله الإجماع كما يوهمه بعض ، وربّما ادّعاه بعض من عاصرناه ، ويلوح دعواه من عبارة كاشف اللثام لمكان قوله فيما تقدّم : «وهو ممّا قطع به الأصحاب» فإنّه بملاحظة الجمع المحلّى في معنى أنّ الأصحاب أجمعوا عليه بعنوان القطع ، بل هذا لكونه إجماعاً على القطع بالحكم أبلغ من سائر الإجماعات المنقولة بلفظ الإجماع ، لعدم كون كلّ المجمعين في أكثرها قاطعين بالحكم ، بل قد يكون فتوى بعضهم عن دليل ظنّي بل قد تكون الفتوى من كلّهم عن
__________________
(١) كشف اللثام ٧ : ٤٧.