بحث المعاطاة من عدم مدخليّة الصيغة المخصوصة الّتي من جملة خصوصيّاتها العربيّة في صدق الاسم ولا في الصحّة ، فمعنى البيع يتحقّق بالألفاظ الغير العربيّة عرفاً أيضاً كما أنّه يترتّب عليه الأثر شرعاً لأجل العموم كما عرفت. وإن أرادوا اعتبارها في اللزوم ، فهو كما قالوه لعين ما مرّ في المبحث المذكور من مدخليّة الصيغة المخصوصة في اللزوم.
ثمّ إنّها حيثما وقعت بالعربي فهل يشترط في ألفاظها الصحّة في مقابلة اللحن؟على معنى عدم كونها ملحونة ، وهو عدم الموافقة للقانون المقرّر لكلمات لغة العرب من حيث الإعراب والبناء أصليّاً كان أو عارضيّاً ، ومن حيث الحركات والسكنات اللاحقة لبنية الكلمات ، ومن حيث الحروف بتبديل حرف بآخر ويقال له التحريف ، أو بتقديم حرف على حرف ويقال له : «التصحيف» كما لو قيل بَعت بفتح الباء أو التاء وقبلت بضمّ الباء وبحت مكان بعت ، وكبلت مكان قبلت ، وسريت أو استريت بالسين مكان شريت واشتريت ، أو جوّزت مكان زوّجت وما أشبه ذلك. فعلى المختار من عدم اشتراط العربيّة إلّا في اللزوم كان المتّجه اشتراط السلامة من اللحن في اللزوم دون الصحّة ما لم يكن اللحن مغيّراً للمعنى المقصود في العقد في عرف المتعاقدين ، أمّا اشتراطها في اللزوم فلأنّ القدر المتيقّن ممّا دلّ على مدخليّة الصيغة المخصوصة في اللزوم الصيغة العربيّة السليمة عن اللحن بجميع وجوهه ، وأمّا عدم اشتراطها في الصحّة فلعموم أدلّة الصحّة حسبما تقدّم بيانه ، وأمّا اعتبار عدم كونه مغيّراً للمعنى المقصود فلأنّ المخاطب لا يدري بأيّ شيء خوطب فيبطل ، وأمّا على اشتراط العربيّة في الصحّة فمقتضى العمدة من دليله وهو الاقتصار على القدر المتيقّن ممّا خرج من الأصل اشتراط السلامة عن اللحن أيضاً ، لأنّ القدر المتيقّن ممّا خرج هو الصيغة العربيّة الغير الملحونة. وكذلك على الاستدلال بالتأسّي فإنّه إن تمّ وأفاد اشتراط العربيّة أفاد اشتراط السلامة عن اللحن أيضاً.
وقد يفصّل بين ما كان مغيّراً للمعنى المقصود فلا يصحّ ، وما لم يكن مغيّراً فيصحّ. وهو ضعيف بالنظر إلى دليل مشترطي العربيّة كما عرفت.
وحكي (١) عن فخر الدين الفرق بين ما لو قال بعتك بفتح الباء وبين ما لو قال
__________________
(١) حكى في مفتاح الكرامة عنه ١٢ : ٥٢٦.