فانتفع بجلده ، وأمّا الميتة فلا» (١) إلى غير ذلك ممّا يقف عليه المتتبّع.
وبهذا كلّه يظهر ضعف ما سمعت عن الصدوق من تجويز الاستقاء بجلد الخنزير مع شذوذه وضعف مستنده ، وهو الأصل على ما أشار إليه في المسالك حيث قال : «إنّ النهي في الآية مورده الميتة مطلقاً الشامل للانتفاع بجلدها بخلاف الخنزير فإنّ مورده اللحم فلا يتعدّى إلى غيره للأصل» (٢).
وفيه : أنّ التعدّي إلى غيره يثبت بالأخبار فإنّها إمّا شاملة بمنطوقها من جهة الإطلاق لجلد الخنزير لأنّه نوع من جلد الميتة ، أو توجب التعدّي إليه بمفهومها الموافقة نظراً إلى الأولويّة ، وبه يتعيّن الخروج عن الأصل.
النوع الثالث : وهو ميتة ما ليس له نفس سائلة كميتة السمك ونحوه ، وهذه تشارك ميتة ذي النفس في الحرمة الذاتيّة وتمتاز عنها في الطهارة ، فلا يلحقها البحث من جهة النجاسة بل من حيث الحرمة. وهذا البحث يلحقها تارةً في حرمة التكسّب بها ، واخرى في جواز الانتفاع بشيء منها من غير جهة الأكل ، كالانتفاع بدهنه للإسراج وتدهين الأجرب وطلي السفن ونحو ذلك.
أمّا الجهة الاولى : فالظاهر عدم الخلاف في حرمة التكسّب بها والمعاوضة عليها في الجملة ، وهو المعتمد لعموم قوله في رواية التحف : «أمّا وجوه الحرام من البيع والشراء فكلّ أمر يكون فيه الفساد ممّا نهى عنه من جهته أكله ...» الخ ، وعموم الملازمة المستفادة من النبوي «إنّ الله إذا حرّم شيئاً حرّم ثمنه».
وأمّا الجهة الثانية : فالظاهر جواز الانتفاع بدهنها فيما ذكر كما عليه جماعة (٣) وفي كلام بعض مشايخنا (٤) «الظاهر أنّه لا خلاف فيه» للأصل وفقد ما يوجب الإضراب عنه من النصوص وغيرها حتّى عموم قوله : «فجميع تقلّبه في ذلك حرام» لاختصاصه
__________________
(١) الوسائل ٢٤ : ١٨٥ / ٤ ، ب ٣٤ الأطعمة المحرّمة ، التهذيب ٩ : ٧٩ / ٣٣٩.
(٢) المسالك ٢ : ٢٤٧.
(٣) كما في المسالك ٣ : ١٢١ ، الحدائق ١٨ : ٧٧ ، مفتاح الكرامة ١٢ : ٥٩ ، الجواهر ٢٢ : ١٧.
(٤) المكاسب للشيخ الأنصاري ١ : ٤٠.