بوجوه النجس وخصوص النصوص المانعة من الانتفاع بالميتة مطلقاً لاختصاصها بميتة ذي النفس بحكم الانصراف. ثمّ إنّ ما ذكر من فائدة الإسراج أو التدهين أو الطلي فوائد مقصودة للعقلاء من هذا الدهن ، فتكون من قبيل المنفعة المحلّلة ، وبيعه في تلك المنفعة جائز وصحيح ، وفي فائدة الأكل حرام وفاسد على ما تقدّم من قاعدة التفصيل فيما اشتمل على المنفعتين فليتدبّر.
فرع : إذا اختلط المذكّى والميتة من ذي النفس المأكول مع تعذّر التميّز ، فإن كان اختلاط مزج يجب اختيار الجميع قولاً واحد فيحرم بيعه وأكله وسائر الانتفاعات به ، ويؤيّده أو يدلّ عليه قوله عليهالسلام : «ما اجتمع الحلال والحرام إلّا غلب الحرام الحلال» (١) وإن كان اختلاط اشتباه مع كما في الشبهة المحصورة ، فالأصحّ وفاقاً للأكثر وجوب اجتناب الجميع عملاً بقاعدة الشبهة المحصورة ـ على ما تقرّر في الاصول ـ خلافاً للمحقّق الأردبيلي (٢) وصاحب الكفاية (٣) والنراقي في المستند (٤) فجوّزوا الارتكاب ولو بالأكل إلى أن يعلم بقاء مقدار الحرام ، للأصل ، وقوله عليهالسلام : في صحيح ضريس الكناسي «سأل أبا جعفر عليهالسلام عن السمن والجبن نجده في أرض المشركين بالروم فآكله؟ فقال : أمّا ما علمت أنّه خلطه الحرام فلا تأكله ، وأمّا ما لم تعلم فكله حتّى تعلم أنّه حرام» (٥).
والأصل مدفوع بالقاعدة المأخوذ في موضوعها العلم الإجمالي المنجّز للتكليف ، والخبران مدفوعان باختصاصهما بمحتمل الحرمة الّذي لم يكن معه علم إجمالي فلا يتناولان المقام.
وهل يجوز بيع الجميع باعتبار كون أحدهما مذكّى؟ فله صورتان ، إحداهما : بيعه من المسلم ، والظاهر أنّه ممّا لا خلاف في عدم جوازه بل هو من فروع القاعدة المذكورة المقتضية لوجوب الاجتناب عن جميع أطراف الشبهة ، ولا يتمّ إلّا بالامتناع
__________________
(١) البحار ٢ : ٢٧٢ / ٦.
(٢) مجمع الفائدة ١١ : ٢٧١.
(٣) الكفاية : ٢٥١.
(٤) المستند ١٥ : ١٥٤.
(٥) الوسائل ٢٤ : ٢٣٥ / ١ ، ب ١٦٤ الأطعمة المحرّمة ، التهذيب ٩ : ٧٩ / ٣٣٦.