ولا المعنى الثاني لعدم كونه مانعاً إن عمّم وضوح الدلالة بالقياس إلى ما كان بمعونة القرينة ـ لدخول ما كان من المجاز المشهور على القول بترجيح المعنى المجازي ، والمجاز القريب بضابطة أولويّة أقرب المجازات عند تعذّر الحقيقة ، والمجاز المقرون بقرينة موضحة للمراد والكلّ ينافي إطلاقهم عدم انعقاد البيع ولا مطلق العقد بالمجازات مع صريح بعضهم كشارح (١) القواعد على ما نمي إليه بعدم الفرق بين المجاز القريب والمجاز البعيد ـ وعدم كونه جامعاً إن لم يعمّم بأن يراد وضوح الدلالة بنفس اللفظ لأنّه يخرج حينئذٍ المشترك بقسميه من اللفظي والمعنوي ، فوجب أن لا يقع البيع بلفظ «بعت» ولا «شريت» ولا «ملّكت» في إيجاب عقده. وهو في الأوّل خلاف الإجماع ، وفي الأخيرين خلاف المشهور شهرة عظيمة تكاد تبلغ الإجماع لكون كلّ من الأوّلين مشتركاً لفظيّاً بين إيجاب البيع وقبوله اللذين يراد منهما في الترجمة الفارسية معنى «فروختن وخريدن» على ما هو المصرّح به في كلامهم. بل عن المصابيح «أنّه لا خلاف عندهم في وضعهما للمعنيين فيكونان من الأضداد» (٢) وكون الأخير من المشترك المعنوي على ما هو المصرّح به في كلام جماعة ، بل في كلام مفتاح الكرامة ما يظهر منه كونه محلّ وفاق عند الفقهاء وأهل اللغة حيث قال : «والحقّ أنّ ملكت مشترك معنوي عند الفقهاء وأهل اللغة كما يظهر ذلك على من تتبّع كتب الفريقين» (٣) انتهى.
ولا المعنى الثالث حتّى يكون مفاده انعقاد البيع بالمجازات فإنّه ينافي إطلاقهم العدم ، وتصريح بعضهم بعدم الفرق كما عرفت.
فتعيّن كون المراد به المعنى الرابع الّذي مفاده خروج المجازات والكنايات معاً ، وهو الّذي ينبغي أن يقطع به أمّا أوّلاً ، لحكاية الشهرة تارةً على عدم وقوع العقد بالمجازات ، واخرى على عدم وقوعه بالكنايات. وأمّا ثانياً ، لظهور دعوى الإجماع عليه من بعض العبارات كعبارة مفتاح الكرامة حيث قال :
«واعلم أنّ اشتراط الدلالة بالوضع هو الّذي يعبّرون عنه بالصراحة» (٤) وله كلام
__________________
(١) شرح القواعد ٢ : ١٤.
(٢) المصابيح : ٣٤.
(٣) مفتاح الكرامة ١٢ : ٤٨٤ ـ ٤٨٦.
(٤) مفتاح الكرامة ١٢ : ٤٨٤ ـ ٤٨٦.