آخر متضمّن لدعوى الإجماع صريحاً على عدم وقوعه بالمجازات ولا بالكنايات حيث إنّه بعد ما فرّع على كون دلالة الصيغة على الرضا الباطني بمقتضى الوضع خروج المجاز قريباً كان أو بعيداً قال : «وهو الّذي طفحت به عباراتهم حيث قالوا في أبواب متفرّقة كالسلم والنكاح وغيرهما : إنّ العقود اللازمة لا تثبت بالمجازات ، فيأخذون هذه القضيّة مسلّمة في مطاوي الاحتجاج ، فلا ينعقد بشيء من المجازات كالهبة والصلح والإجارة والكتابة والخلع قولاً واحداً ، وكذا لا ينعقد بشيء من الكنايات كالتسليم والتصرّف والدفع والإعطاء والأخذ ونحو ذلك» (١) انتهى.
وقوله : كالهبة والصلح ... إلى آخر الأمثلة الأولة ، إمّا أمثلة لمجازات البيع على معنى إطلاق هذه الألفاظ وإرادة معنى البيع مجازاً كما يساعد عليه ذيل العبارة بل صوغها أيضاً ، أو أنّها أمثلة للعقود اللازمة الّتي لا تثبت بالمجازات ، وهو أقرب معنى بالنظر إلى بعد بعض هذه الألفاظ عن معنى البيع بل المنافرة بينهما كالكتابة والخلع. وكيف كان فغرضنا الاستشهاد بقوله : «قولاً واحداً».
ثمّ إنّ القول باشتراط الصراحة في الصيغة منسوب إلى جماعة وحكي عليه الشهرة بأنحاء مختلفة : فتارةً على نفس الاشتراط ، واخرى على عدم الوقوع بالكنايات ، وثالثة على عدم الوقوع بالمجازات ، واختاره شيخنا في الجواهر (٢) ، وقبله استاده في مفتاح الكرامة (٣) بل ادّعى عليه الإجماع وقد سمعت عبارته ، وقبلهما السيّد في المصابيح بل عنه دعوى الإجماع في موضعين ، أحدهما : في مساقاة المصابيح ادّعاه على أنّ العقود لا بدّ فيها من صيغة صريحة ، والآخر : في البيع حيث قال ـ على ما حكي ـ : «ولا ينعقد بسائر المجازات كالهبة والصلح والإجارة والكتابة والخلع قولاً واحداً ، ولا بالنكاح ولو كان المبيع أمة ، ولا بشيء من الكنايات كالتسليم والتصريف والدفع والأخذ والإعطاء ونحو ذلك» (٤) واختاره العلّامة في التذكرة قائلاً : «الرابع التصريح فلا يقع بالكناية مع النيّة مثل أدخلته في ملكك أو جعلته لك أو خذه منّي أو سلّطتك عليه بكذا ، عملاً
__________________
(١) مفتاح الكرامة ١٢ : ٤٨٣ ـ ٤٨٤.
(٢) الجواهر ٢٢ : ٢٤٨.
(٣) مفتاح الكرامة ١٢ : ٤٨٣.
(٤) المصابيح : ٢٣٢.