الإيجاب والقبول فيه من دون ذكر لفظ خاصّ ، كالشيخ (١) وأتباعه (٢).
ومستند هذا القول العمومات والإطلاقات مثل «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» و «أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ» و «تِجارَةً عَنْ تَراضٍ» و «البيّعان بالخيار» لصدق العقد والبيع والتجارة على ما يتحقّق بكلّ لفظ مفيد للمعنى المقصود من إنشاء تمليك العين على وجه التعويض بنفسه أو بمعونة القرينة. وإنكاره مكابرة ، كما أنّ القدح في تناول العموم والإطلاق مكابرة.
وأمّا أهل القول الأوّل فلهم على ما يعطيه التتبّع وجوه :
منها : الأصل الأوّلي المقتضي لفساد المعاملة مطلقاً إلّا ما أخرجه الدليل ، والقدر المقطوع خروجه بالدليل هو المعاملة الواقعة بالصيغة الصريحة فيبقى غيرها ممّا يقع بالصيغة الغير الصريحة تحت الأصل.
ومنها : ما اعتمد عليه العلّامة في التذكرة (٣) من العمل بأصالة بقاء الملك ، ولأنّ المخاطب لا يدري بم خوطب ، والأوّل يؤول إلى الوجه الأوّل.
ومنها : ما اعتمد عليه شيخنا في الجواهر (٤) ممّا ملخّصه مع تحرير وتوضيح منّا : أنّ غرض الخالق من خلق العالم وإيجاد بني آدم انتظام أمر المعاد ولا ينتظم إلّا بانتظام أمر المعاش ، ولا ينتظم إلّا بالمعاملات الموظّفة على كيفيّاتها المقرّرة ، ولا تنتظم المعاملات إلّا بأن شرّعت على وجه لم تكن مثاراً للتنازع والتجاذب والترافع ، ولا يتأتّى ذلك إلّا بأن يعتبر في وقوعها الصيغ المخصوصة الصريحة لأنّ الصيغ الغير الصريحة مثار للتنازع وأخويه وهو يوجب اختلال أمر المعاش ، ومنه يلزم اختلال أمر المعاد وهو نقض للغرض.
ومنها : الشهرة المحقّقة المعتضدة بالشهرات المحكيّة.
ومنها : الإجماعات المنقولة حسبما تقدّم.
وهذه الوجوه كما ترى كلّها مدخولة ضعيفة :
أمّا ضعف الوجه الأوّل : فلأنّ الأصل يخرج عنه بما ذكر في دليل أهل القول بعدم الاشتراط من عمومات أدلّة الصحّة وإطلاقاتها. وبذلك يظهر وجه ضعف أصالة بقاء
__________________
(١) الخلاف ٣ : ٧ المسألة ٦.
(٢) كما في المراسم : ١٧١ ، المهذّب ١ : ٣٥٠ ، الوسيلة : ٢٣٦.
(٣) التذكرة ١٠ : ٩.
(٤) الجواهر ٢٢ : ٢٤٨.