الصريحة في المعاملات مؤثّراً في وقوع التنازع والترافع الموجب لاختلال نظم المعاش والمعاد ، لجرى ذلك في العقود الجائزة أيضاً فيلزم نقض الغرض.
الثالث : أنّه غير منطبق على مطلوبهم عكساً وطرداً ، أمّا العكس فلأنّه ينتقض بالحقيقة والصيغة الصريحة فإنّ جهات التنازع المفضي إلى الترافع كثيرة غير محصورة ، فكثيراً ما يتنازع في المعاملة بالصيغة الصريحة في أصل وقوعها ، وفي المعاملة الواقعة بالصيغة الصريحة في نوعها ككونها بيعاً أو إجارة ، بيعاً أو صلحاً ، بيعاً أو هبة وكون النكاح الواقع بين الزوجين دواماً أو انقطاعاً ، وفي نوع المعاملة الواقعة بالصيغة الصريحة في تعيين المورد ككون المبيع عبداً أو جارية ، وكون الثمن ديناراً أو درهماً ، وفي النقد والنسية وغير ذلك. وأمّا الطرد فلأنّ المجاز مع القرينة قد يكون أصرح وأوضح دلالة من الحقيقة ، فلا يقع مثاراً للتنازع فوجب أن يكتفى به.
الرابع : أنّ مقام التعاقد ليس إلّا كسائر مقامات الخطاب ، ومن المعلوم ضرورة جواز الإتيان في مقامات الخطاب بالألفاظ المجازيّة والكنائيّة بقرائنها المفيدة لمعانيها المقصودة ، وهذه طريقة مألوفة شائعة.
ودعوى : أنّ هذه طريقة أهل العرف لا أهل المعاملة وكلامنا في المعاملات لا غير ، يدفعها : أنّ أهل المعاملة ليس لهم طريقة متجدّدة مغايرة لطريقة أهل العرف في محاوراتهم ، كيف ولو كان لهم مثل هذه الطريقة لكانت متلقّاة من الشارع ويحتاج ثبوتها إلى دليل ولا دليل عليها ، حتّى أنّ القائل بثبوتها لم يأت إلّا بما سمعت من الوجه الاعتباري الّذي قد عرفت كونه قاصر الدلالة غير منطبق على مدّعاهم عكساً وطرداً.
وأمّا ما يستشمّ من بعض العبارات ممّا يمكن إنهاضه دليلاً عليها «من أنّ العقود اللازمة المؤثّرة في النقل والانتقال وغيرهما أسباب شرعيّة توقيفيّة موظّفة من الشارع ، فوجب الاقتصار فيها على موضع اليقين ولا يكون إلّا العقود الواقعة بصيغها المخصوصة ، وأمّا غيرها ممّا يقع بغير هذه الصيغ من الألفاظ المجازيّة والألفاظ الكنائيّة فتوظيف الشارع وتوقيفه غير ثابت فيها» ففيه أنّه حسن لو لا عمومات الصحّة وإطلاقاتها ، وقد عرفت نهوضها لإثبات التوقيف والتوظيف بالنسبة إلى ما عدا موضع اليقين فتكون حاكمة على قاعدة الاقتصار عليه.