البائع : «بعتك هذه أو شريتك هذه» يتعيّن للإيجاب من وجهين : أحدهما وقوعه من البائع ، والآخر تعديته إلى مفعولين. ولو قال : «بعتها أو شريتها» يتعيّن له من وجه واحد. وإذا وقع قبولاً يتعدّى إلى مفعول واحد فيقال «بعتها أو شريتها» ويجوز استعماله بحذف المفعول الواحد أيضاً فيقال «بعت أو شريت».
ثمّ إنّ كفاية لفظ «بعت» في إيجاب البيع ووقوع البيع به ممّا لا إشكال بل لا كلام فيه لأحد ، وفي كلام غير واحد (١) نفي الخلاف بل هو القدر المتّفق عليه من ألفاظ الإيجاب.
وأمّا «شريت» فالمصرّح به في كلام جماعة كفايته في الإيجاب ووقوع البيع به أيضاً ، بل قيل (٢) : «إنّه المشهور شهرة عظيمة تكاد تكون إجماعاً» وقد يستدلّ عليه بوضعه للبيع كما عن بعض أهل (٣) اللغة ، بل قد تقدّم عن سيّد المصابيح نفي الخلاف في وضعه مع بعت لمعنيين إيجاب البيع وقبوله. (٤) فيكون دلالته على البيع صريحة لاستنادها إلى الوضع ، غاية الأمر افتقاره من جهة الاشتراك إلى القرينة المعيّنة ويكفي فيها صدوره من البائع وتعديته إلى مفعولين.
وقد يستشكل فيه نظراً إلى قلّة استعماله عرفاً في البيع ، واحتياجه إلى القرينة ، وعدم نقل الإيجاب به في الأخبار ولا كلام القدماء. ومن مشايخنا من استوجهه بقوله : «ولا يخلو عن وجه» (٥).
ويدفعه : أنّ ندرة الاستعمال مع فرض وجود القرينة المعيّنة للمراد غير قادحة في الصراحة لاستناد أصل الدلالة إلى الوضع وعليها المدار في الصحّة أو اللزوم ، نعم لو بلغت الندرة إلى حيث هجر ذلك المعنى بحيث صار مجازاً فيه خرج عن كونه صريحاً ، وعدم الاكتفاء به حينئذٍ من هذه الجهة لا لمجرّد ندرة الاستعمال ، وكون الندرة المفروضة فيه بتلك المثابة أوّل المسألة بل موضع منع ولو من جهة الأصل ، ولذا لم يلتفت إليها الجماعة وعدّوه من ألفاظ الإيجاب. وأمّا الاحتياج إلى القرينة المعيّنة
__________________
(١) المكاسب ٣ : ١٣٠.
(٢) الجواهر ٢٢ : ٢٤٤.
(٣) الصحاح ٦ : ٢٣٩١ ، لسان العرب ٧ : ١٠٣ ، القاموس المحيط ٤ : ٣٤٧.
(٤) المصابيح : ٣٤.
(٥) المكاسب ٣ : ١٣١.