فهو أيضاً غير قادح ، بل القادح في الصراحة هو الاحتياج إلى قرينة المجاز لا مطلق القرينة. وأمّا عدم ورود الإيجاب به في الأخبار ولا في كلام قدماء الأصحاب فعلى تسليمه فهو أيضاً غير قادح بعد ما ورد إطلاقه على البيع في الكتاب العزيز بل شيوع ذلك ، كما في قوله عزّ من قائل : «وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ» (١) وقوله أيضاً : «وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ» (٢) وقوله أيضاً : و «الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ» (٣) بل قيل (٤) : إنّه لم يستعمل في الكتاب العزيز إلّا في البيع. ومع الغضّ عن ذلك فالعبرة في الجواز بالصراحة والعبرة فيها بالوضع اللغوي.
وأمّا «ملّكت» بالتشديد فوقوع البيع به وجواز الاكتفاء به في الإيجاب منسوب إلى الأكثر (٥) وقد ينسب مع ذلك إلى المشهور ، وقد يعزى دعوى الإجماع عليه إلى ظاهر جامع المقاصد (٦) في تعريف البيع ، بل يظهر دعوى الاتّفاق عليه من المحكيّ عن نكت الإرشاد من قوله : «لا يقع البيع بغير اللفظ المتّفق عليه كبعت وملّكت» (٧).
نعم قد يسند الخلاف فيه إلى ظاهر الجامع (٨) نظراً إلى اقتصاره على لفظ «بعت» وشريت. وفيه نظر.
ومن مشايخنا من استشكل في الاكتفاء به بما ملخّصه «أنّ ملّكت وإن كان نصّاً في الإيجاب إلّا أنّه ليس نصّاً في البيع لاحتمال غيره كالهبة والصلح ، بل لا اختصاص للفظ التمليك بنقل الأعيان لوقوعه لنقل المنافع ، وفي نقل الأعيان لا اختصاص له بالبيع لصحّة وقوعه للهبة والصلح ، ولا يجدي تعلّقه في العقد بالعين لأنّ الهبة أيضاً متعلّقة بالأعيان ، ولا ذكر العوض لأنّ الهبة قد تكون معوّضة وكذلك الصلح ، إلّا أن يدفع بالتزام التقييد بالبيع كأن يقال : ملّكتك هذه العين بيعاً بكذا ، وبذلك يرتفع النزاع بين الأكثر حيث أطلقوا جواز إيجاب البيع بهذا اللفظ وبين الجامع (٩) حيث أطلق المنع بتنزيل
__________________
(١) يوسف : ٢٠. (٢) البقرة : ٢٠٧.
(٣) النساء : ٧٤.
(٤) المكاسب ٣ : ١٣٠ ، مفتاح الكرامة ١٢ : ٤٩٥.
(٥) مفتاح الكرامة ١٢ : ٤٩٢.
(٦) جامع المقاصد ٤ : ٥٥.
(٧) غاية المراد ٢ : ١٧.
(٨) الجامع للشرائع : ٢٤٦.
(٩) الجامع الشرائع : ٢٤٦.