كافٍ في المقام ، وكون ذلك الآن عقداً لا يجدي كما هو الشأن في المكيل والموزون» (١).
وأمّا التأييد بما ورد في الآبق واللبن ، ففيه : أنّه لا دلالة للنصّ الوارد فيهما على الاجتزاء بلفظ المضارع ، خصوصاً مع ملاحظة أنّه في الآبق وارد في مقام حكم آخر وهو اعتبار الضميمة في بيعه ، مع أنّه ظاهر في المساومة من غير دلالة أنّ المتعاقدين تعاقدا بمثل ذلك اللفظ.
ومستند القول باشتراطها أوّلاً : أصالة عدم النقل والانتقال إلّا فيما تيقّن كونه موجباً لهما ، وهو ما كان بصيغة الماضي.
وثانياً : الشهرة المحقّقة المعتضدة بالمحكيّة منها في كلام جماعة (٢).
وثالثاً : الإجماع المنقول في التذكرة.
ورابعاً : اشتراط الصراحة في الصيغة فإنّها كما هي معتبرة في المادّة كذلك معتبرة في الهيئة ، ولا صراحة في إنشاء المعنى المقصود في العقد إلّا للماضي لكونه منقولاً من الإخبار إلى الإنشاء ، بخلاف المضارع والأمر فإنّهما لا يحتملان الإنشاء المقصود في المقام بالوضع ، بل المضارع صريح في الوعد والأمر في الاستدعاء. فلو اريد منهما الإنشاء المقصود في المقام كان مجازاً ، وقد تقدّم أنّ العقود اللازمة لا تنعقد بالمجازات.
وتحقيق المقام : أنّ اشتراط الماضويّة إن كان متفرّعاً على اشتراط الصراحة كما هو قضيّة الوجه الأخير ، فقد عرفت في بحثها أنّها عندنا معتبرة في اللزوم لا في الصحّة. فهذا هو المختار هنا أيضاً ، لتحقّق العقد بمعنى الربط بالمضارع والأمر المقصود بهما إنشاء العنوان المقصود في العقد حيث ساعد على إرادته القرينة المعتبرة كما هو المفروض في محلّ البحث ، وصدق البيع بمعنى تمليك العين على وجه التعويض أو مبادلة عين بعوض ، وصدق تجارة عن تراضٍ فيشمله العمومات والإطلاقات ، وبذلك يخرج من الأصل المتقدّم غاية اندراجه في أقسام المعاطاة ولا ضير فيه.
ودعوى : انصراف أدلّة الصحّة المذكورة إلى ما تعارف وتداول في زمن الخطاب ، ممّا لا ينبغي الإصغاء إليه ، لمنع معلوميّة عدم تعارف التعاقد بالمضارع والأمر ثمّة ،
__________________
(١) مفتاح الكرامة ١٢ : ٥٢٤.
(٢) كما في مجمع البرهان ٨ : ١٤٥ ، والمفاتيح ٣ : ٤٩.