ثمّ إنّه لا يدرى أنّ الموالاة عند معتبريها هنا هل هي معتبرة في الموضوع فلا يصدق العقد ولا البيع ولا التجارة على ما لم يتّصل قبوله بإيجابه فلا يتناوله أدلّة الصحّة من قوله تعالى : «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» و «أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ» و «إِلّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ» أو أنّها معتبرة في الحكم أعني الصحّة وترتّب الأثر إمّا بدعوى عدم الدليل عليها بناءً على انصراف أدلّتها إلى المتعارف الشائع وقوعه وهو ما اتّصل قبوله بإيجابه أو بدعوى الدليل على عدم الصحّة فلا بدّ أن يكون الدليل لو كان بحيث ينهض لتخصيص العمومات المذكورة؟ احتمالات :
منشأها اختلاف كلمة المتعرّضين للمسألة واختلاف مؤدّيات الوجوه المتمسّك بها لاعتبار هذا الشرط ، فإنّ قضيّة التمسّك بكون الإيجاب والقبول كالمستثنى والمستثنى منه أو كالجواب والسؤال في كون العقد المركّب منهما كلاماً واحداً عند العرف ويعتبر فيه عندهم صورة اتّصاليّة والفصل بينهما تخلّ بالهيئة الاتّصاليّة وبعد فواتها لا يرتبط القبول بالإيجاب فيلغو فلا يكون مفيداً ، كونها معتبرة في الموضوع ، إذ معنى عدم كونه مفيداً عدم إفادته بعد اللغويّة لتحقّق العقد أو البيع أو التجارة عن تراضٍ.
وقضيّة التمسّك بانصراف أدلّة الصحّة إلى المعهود المتعارف دون غيره وليس إلّا ما اتّصل قبوله بإيجابه لأنّه الغالب وجوده والشائع وقوعه في جميع الأمصار والأعصار حتّى زمان صدور الخطاب وما لم يتّصل قبوله بإيجابه نادر فلا يتناوله أدلّة الصحّة ، كونها معتبرة في الحكم ، مع كون الجهة في اعتبارها فيه عدم الدليل على الصحّة بدونها.
وقضيّة التمسّك بأنّ العقد يعتبر فيه الصراحة ـ بأن يكون صريح الدلالة على إنشاء المعنى المقصود من الموجب وإنشاء الرضا بما أوجبه الموجب من القابل ، ولا يكون صريحاً إلّا ما اتّصل قبوله بإيجابه ، لأنّ القبول الغير المتّصل محتمل لغير إنشاء الرضا بما أوجبه الموجب ، إمّا لاحتمال العدول من الموجب ، أو لاحتمال كونه رضا بما يتحقّق من الموجب في المستقبل ، لا بما تحقّق منه في الماضي من القابل ـ كونها معتبرة في الحكم ، لقيام الدليل على عدم الصحّة بدونها ، وهو أنّ الشرط ينتفي بانتفائه.
غير أنّ هذا الوجه الأخير أضعف الوجوه المتمسّك بها هنا ، لمنع صغراه تارةً إمّا لعدم اطّراد احتمال العدول في الموجب ، أو لعدم اطّراد احتمال قصد إنشاء الرضا