بما يتحقّق كما لو اخذ في عبارة القبول ما يوجب كونه صريحاً في الرضا بما تحقّق. ومنع كبراه اخرى إمّا لعدم اعتبار الصراحة في الصحّة كما اخترناه في محلّه المتقدّم بل هي معتبرة في اللزوم ، أو لأنّ الصراحة على تقدير اعتبارها في الصحّة ـ كما تقدّم تفسيرها سابقاً ـ عبارة عن كون دلالة الصيغة على العنوان المقصود منها بالوضع ليخرج به المجاز والكناية ، لا الصراحة بالمعنى المرادف للنصوصيّة ، وقيام أحد الاحتمالين إن صحّ واطّرد يرفع النصوصيّة ، لا أنّه يوجب المجازيّة في صيغة الإيجاب ولا صيغة القبول كما هو واضح ، إلّا أن يراد بالمجازيّة ما يلزم في المركّب باعتبار الوضع التركيبي بفوات الهيئة الاتّصاليّة.
وقد يفصّل في كونها شرطاً في الموضوع أو للحكم بين العقد أو البيع والتجارة ، فيقال : بأنّه لو كان حكم الملك واللزوم منوطاً بصدق العقد عرفاً ـ كما هو مقتضى التمسّك بآية الوفاء بالعقود وبإطلاق كلمات الأصحاب في اعتبار العقد في اللزوم بل الملك ـ فما ذكر من كون الموالاة معتبرة في العقد حسن ، فإنّ المعاقدة لا يصدق إذا كان الفصل مفرطاً في الطول كسنة أو أزيد. وإن كان منوطاً بصدق البيع أو التجارة عن تراضٍ فلا يضرّه عدم صدق العقد ، أي لا يضرّ الحكم المنوط بصدق البيع أو التجارة ، أو لا يضرّ صدق البيع أو التجارة عدم صدق العقد.
وهذا غير جيّد ، لأنّ القبول إذا صار لغواً بتخلّل الفصل وغير مفيد باعتبار اللغويّة فلا يتفاوت فيه الحال بين العقد والبيع والتجارة ، فلا يفيد تحقّق شيء من ذلك.
فالأقوى حينئذٍ اشتراط الموالاة في الصحّة ، للوجهين الأوّلين ، ويؤيّدهما الوجه الثاني (١) وإن كان باعتبار كون النكتة في عدم انصراف أدلّة الصحّة إلى ما لم يتّصل قبوله بإيجابه عدم تحقّق موضوع العقد ولا البيع ولا التجارة ليتناوله العمومات والإطلاقات.
ثمّ إنّه كما أنّ مدرك اعتبار الموالاة هو العرف فتحديدها أيضاً موكول إلى العرف ، فالسكوت الغير المفرط كمقدار نفس وما يقرب منه وكذلك السعال والعطاس والكلام الأجنبيّ في غير مدّة طويلة كما لو قال «اسقني» وما أشبه ذلك غير مضرّ في نظر
__________________
(١) كذا في الأصل.