القواعد الكلّيّة المعلّلة بامور حكميّة تتخلّف في بعض مواردها الجزئيّة».
أقول : الحقّ أنّ المنع شرعي لكن لا بالبيان المذكور بل ببيان آخر موافق للتحقيق والنظر الدقيق ، وهو أنّ التعليق يخرج الصيغة في الإيجاب والقبول عن مقتضى الوضع الشرعي ، فإنّ مقتضى الوضع الشرعي في صيغتي الإيجاب والقبول أن يقصد الموجب بصيغة «بعتك» مثلاً إيجاد المعنى المقصود أعني نقل ملك العين ، والقابل بصيغة «قبلت» مثلاً إيجاد الرضا بما أوجبه الموجب ، بحيث يكون السبب التامّ المؤثّر في وجود المعنى المقصود الّذي يقال له ترتّب الأثر نفس الصيغتين ، ولذا يقال للعقود والإيقاعات أنّها أسباب شرعيّة قرّرها الشارع ، وإطلاق السبب على الصيغة شائع في كلامهم ، والتعليق بأحد الوجهين يخرجها عن كونها سبباً ومؤثّراً إلى جعل الشيء المعلّق عليه سبباً مؤثّراً في وجود المعنى المقصود.
والأصل في ذلك ما حقّق في الاصول من أنّ الجملة الشرطيّة بما اخذ فيها من التعليق تفيد سببيّة الشرط للجزاء ، كما في قولنا : إن جاءك زيد فأكرمه أو أكرم زيداً إن جاءك ، فإنّه يدلّ على كون مجيء زيد سبباً لوجوب إكرامه فيوجد الوجوب عند وجوده وينتفى عند انتفائه ، وعلى هذا فقول الموجب «بعتك هذا بكذا إن قدم الحاجّ أو إن طلعت الشمس» مع قول القابل «قبلت» يقتضي بطبعه باعتبار وضع الجملة الشرطيّة كون السبب المؤثّر في النقل والانتقال هو قدوم الحاجّ أو طلوع الشمس لا نفس الصيغة ، وبالجملة الموجب والقابل بما يأخذان من التعليق يقصدان السببيّة والتأثير من الشرط المعلّق عليه لا من نفس الصيغة ، وهو خلاف الوضع الشرعي في العقود والإيقاعات ، لأنّ الشارع إنّما جعل السبب المؤثّر نفس الصيغة لا أمراً آخر غيرها فوجب البطلان ، والظاهر أنّ هذا هو مدرك الإجماع على عدم صحّة تعليق العقود على الشرط لازمة أو جائزة.
وبما قرّرناه في وجه مانعيّة التعليق يعلم أمران :
أحدهما : الفرق بين قولي الموكّل : أنت وكيلي في بيع عبدي إن دخل يوم الجمعة ، وأنت وكيلي في بيع عبدي في يوم الجمعة ، المصرّح في كلامهم من غير خلاف بصحّة