ولم يوافق قصداهما.
ويندفع بما بيّنّاه أيضاً جميع الإيرادات الّتي أوردها السيّد في المصابيح (١) ونقلها شيخنا في الجواهر ـ مضافة إلى ما عرفته عن المسالك من كون المبيع مجهولاً لا يمكن إقباضه ـ من أنّه «قد يأخذ أكثر من ثمن المذكّى إذا باع الاثنين ظاهراً فيكون أخذ الزائد أكلاً للمال بالباطل ، وأنّه يقصد الواحد والمشترى الاثنين فلم يوافق قصداهما ولم يتوارد الإيجاب والقبول على أمر واحد ، وأنّه مع قصد المذكّى لو صحّ البيع من المستحلّ لصحّ من غير المستحلّ أيضاً والفرق تحكّم ، وأنّ المستحلّ يشارك غيره في الحكم الّذي هو عدم جواز الانتفاع المقتضي لعدم صحّة البيع من غير المستحلّ بناءً على الأصحّ من مخاطبة الكافر بفروع هذه الشريعة» (٢) انتهى.
فإنّ العقد إذا وقع على المذكّى بالخصوص مع قصدهما إيّاه لا غير لم يبذل ولم يؤخذ أكثر من ثمن المذكّى ولتوارد الإيجاب والقبول على الواحد وهو المذكّى لا غير ، وأنّ الفارق بين المستحلّ وغير المستحلّ أنّ عدم إمكان التميّز قادح في الثاني لعدم إمكان الإقباض معه فيه وغير قادح في الأوّل لحصول إقباض المبيع بإقباض الجميع مع عدم الحاجة له إلى التميّز لاستحلاله الجميع.
فإن قلت : الفرق بين المستحلّ وغير المستحلّ في كفاية إقباض المبيع في ضمن الجميع وعدم قدح عدم إمكان التميّز في الأوّل دون الثاني تحكّم ، بل هما مشاركان في الحكم نفياً وإثباتاً ، والسرّ فيه أنّ الإقباض من حيث إنّه إقباض ليس معتبراً في صحّة البيع ، فإنّ البيع ليس كالوقف والهبة ليكون الإقباض والقبض معتبراً في صحّته بل الشرط في الحقيقة هو سلامة المبيع عن موانع التصرّف فيه والانتفاع به ، فلو باع شيئاً مع ما يمنع المشتري عقلاً أو شرعاً من التصرّف والانتفاع وجب عليه رفع المانع إن قدر عليه ، ولو لم يقدر عليه كبيع العبد الآبق أو الطير في الهواء أو السمك في البحر كان البيع باطلاً لكونه حينئذٍ معاملة سفهيّة وهي باطلة غير مندرجة في عمومات الصحّة.
__________________
(١) مصابيح الأحكام : ١٤.
(٢) الجواهر ٣٦ : ٣٤٠.