ومآربه لذيل رحمة ربّه ، ويعبّر عنه بالانقطاع عن الخلق والاعتماد على الخالق ، ومنه أخذ عليك زيداً أي ألزمه ، وقد يجعل من هذا الباب مثل عليه قضاء أو قصاص أو دية.
ومنها : التفوّق على معنى كون المستعلي متفوّقاً على مدخولها كما في الراكب والمحمول ، ومنه قوله تعالى : «فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ * (١) وفَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ» (٢).
ومنها : التطلّع على معنى كون المستعلي مطلعاً على مدخولها كما في الراكب والمحمول أيضاً ، ومنه قوله تعالى : «أَوْ أَجِدُ عَلَى النّارِ هُدىً» (٣).
وهذه اللوازم كلّها يعبّر عنه بالاستعلاء المعنوي لعدم كونه مدركاً إلّا في الذهن وعند العقل ، وكونه مجازيّاً باعتبار كون اللازم خارجاً عن الملزوم الّذي وضع له اللفظ وكون إطلاق اللفظ عليه من باب الكناية والمجاز الّذي يتحقّق بذكر الملزوم وإرادة اللازم.
وهي في الخبر ليست على حقيقتها قطعاً لاستحالة كلّ من الركوب والحمل ، ولا أنّها كناية عن التفوّق والتطلّع جزماً. وفي كونها كناية عن الثقل كما في عليه دَين ، أو عن اللزوم كما في عليك زيداً وتوكّلت على الله وجهان ، من صحّة كلّ منهما ، والظاهر أنّهما متلازمان ، فإنّ كون ثقل المال المأخوذ على آخذه يلزمه كونه لازماً عليه غير منفكّ منه ، كما أنّ لزومه له يلزمه كون ثقله عليه فيصحّ الحمل على كلّ منهما ، والمطلب يثبت بكلّ ولا قرينة على التعيين.
ثمّ إنّ «على» مع مجرورها من قبيل الظرف المقدّر عامله ، والأصل فيه كونه من ألفاظ العموم على ما حقّقه النحاة نظراً إلى الظهور اللفظي ، فيكون التقدير «ثبت على اليد أو كان عليه» واحتمال كونه فعلاً خاصّاً كوجب أو فرض مدفوع بما ذكر ، مضافاً إلى أنّه لا يلائمه الفاعل الّذي هو عبارة عن المال وهو من الأعيان فلا يضاف إليه الوجوب أو الفرض كما هو الحال في التحليل والتحريم. وبذلك اندفع الخدشة في الدلالة على الضمان بأنّ كلمة «على» ظاهرة في الحكم التكليفي فلا تدلّ على الضمان الّذي هو حكم وضعي ، فإنّ هذا الظهور إنّما يسلّم فيما اسند الظرف إلى فعل من أفعال المكلّفين ، وهو هاهنا مضاف إلى المال كما في عليه دَين. ولو قدّر معه ما يصحّ إضافة
__________________
(١) البقرة : ٢٥٣.
(٢) البقرة : ٤٧.
(٣) طه : ١٠.