الوجوب أو الفرض إليه من فعل المكلّف كالردّ أو التأدية ليكون التقدير وجب أو فرض ردّه أو تأديته ، ففيه ـ مع أنّ التقدير والإضمار خلاف الأصل ـ أنّه لا يلائمه قوله «حتّى تؤدّي» بل فسد معه المعنى رأساً ، لأنّ الردّ والتأدية بمعنى ، فيكون التقدير : وجب أو فرض على اليد ردّ ما أخذته أو تأدية ما أخذته حتّى تؤدّيه ، وفيه ما فيه.
ثمّ «اليد» وإن كانت حقيقة في الجارحة المخصوصة إلّا أنّ الحقيقة متعذّرة هنا لوجهين :
الأوّل : أنّ الثقل واللزوم في معنى كلمة الاستعلاء إنّما يعتبران بالقياس إلى صاحب الجارحة لا إلى نفسها.
الثاني : أنّ جملة «أخذت» ظاهرة في الإسناد إلى الفاعل الحقيقي ، ولا يكون إلّا صاحب اليد لأنّه فاعل الأخذ والاستيلاء حقيقة ، والجارحة المخصوصة كغيرها من الفم والرجل آلة لا أنّه فاعل. ومن ذلك ينقدح وجه ثالث وهو أنّ الأخذ الموجب للضمان كما يتأتّى باليد كذلك يتأتّى بالفم وبالرجل وبغيرهما من الجوارح وغيرها ، فيكون المراد بها صاحبها كالإنسان تسمية للكلّ باسم الجزء ، كما في إطلاق الرقبة عليه ، والنكتة فيه كون هذا الجزء ممّا يغلب به وقوع أخذ المال والاستيلاء فيكون كالجزء المقوّم ، كما في إطلاق العين على ربيئة القوم لأنّ الشغل المطلوب من الربيئة وهو التطلّع على العدوّ وإنّما يتأتّى غالباً بواسطة العين.
ثمّ إنّ كلمة «ما» فاعل للظرف باعتبار عامله المقدّر ، وهي كناية عن المال المأخوذ ، فإمّا أنّها نكرة موصوفة والجملة المتلوّة لها صفة ، أو موصولة والجملة المتلوّة صلة ، وحيث لا قرينة للعهد في جملة الصفة أو الصلة فيوجب ذلك ظهور كلمة «ما» في المعنى الجنسي ، فيكون الجملة صفة للجنس أو كالصفة له وهو من أسباب العموم ، كما في قوله تعالى : «وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ» (١) فيشمل الحكم كلّ مال مأخوذ ، وبذلك يندفع الشبهة في عموم الموصول. وفي الكناية بهذه الكلمة عن المال لطف بليغ في الدلالة على أنّ منافع الحرّ لا تدخل في ضمان من أتلفها ، لكونها بحسب الوضع لغير
__________________
(١) الأنعام : ٣٨.