تتميم قاعدة الإقدام من القضيّة المركوزة في الأذهان ، من أنّه لا يذهب مال أحد إلى غيره مجّاناً وبلا عوض بل لا بدّ له من عوض لا يكون إلّا المثل أو القيمة ، وعلى هذا فالثقل والضمان الّذي هو المستصحب من أوّل الأمر كان متقوّماً بالقدر الجامع الّذي هو مع بقاء العين متقوّم بها ومع تلفها متقوّم بعوضها مثلاً أو قيمة ، فاستصحاب الثقل أو الضمان المتقوّم بالقدر الجامع المتقوّم مع التلف بالعوض ليس من استصحاب الشيء مع عدم بقاء موضوع المستصحب ، وكون المأخوذ هو العين لا ينافي تقوّم ثقلها بها من حيث إنّها أحد فردي القدر الجامع الّذي مرجعه إلى تقوّمه بالقدر الجامع على وجه يكون العين أصلاً في مقام الردّ والتأدية على تقدير بقائها والعوض فرعاً.
وبالتأمّل فيما بيّنّاه يظهر وجه اندفاع الوجه الثاني ممّا تمسّك به الفاضل المتقدّم ، فإنّ الضمير محذوفاً أو مذكوراً وإن كان عائداً إلى ما أخذته اليد ، إلّا أنّه باعتبار المفهوم العامّ العرفي يعمّ العوض مثلاً أو قيمة فيكون دفع كلّ منهما على تقدير تلف العين أداءً لما أخذته اليد. وبما بيّنّاه من استظهار الإطلاق من الغاية بالقياس إلى صورتي بقاء العين وتلفها يندفع ما ذكره الفاضل أخيراً من قوله : «بل لا دلالة في لفظ الخبر على صورة التلف ...» الخ فإنّ الإطلاق المتناول للصورتين في الدلالة على استمرار الحكم إلى غاية حصول الأداء كافٍ في الدلالة على صورة التلف وعلى حكمها كما لا يخفى على المتأمّل المنصف. هذا تمام الكلام في بيان معاني مفردات الخبر وأجزائه.
وأمّا معناه التركيبي : فقد يورد عليه بالإجمال ، لأنّ الجمل المؤوّلة إلى الإنشاء لا ظهور لها في الإيجاب ، ولو سلّم فهو حكم تكليفي والضمان حكم وضعي. وفيه ـ مع أنّ المحقّق في محلّه من ظهور الجمل المذكورة في إنشاء الوجوب ـ أنّه لا داعي هنا إلى التأويل ، بل لو حمل قضيّة الخبر على الإخبار ليكون من باب بيان الواقع تمّ المقصود ، فيكون تقديره في حاصل المعنى «أنّه ثبت على الإنسان ما أخذه أي ثقله واستمرّ إلى أن يؤدّيه أي يؤدّي المال المأخوذ بالمعنى الجامع للعين والعوض» وهذا كما ترى عين الضمان.
الخامس : «قاعدة ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده» تمسّك بها جماعة (١) ونحن
__________________
(١) كما في غاية المراد ٢ : ٣٦ ، المسالك ٣ : ١٥٤ ، جامع المقاصد ٤ : ٦١ ، مجمع البرهان ٨ : ١٩٢.