الخلاف في الأردبيلي فصحّ (١) مع مخالفته دعوى الإجماع على عدم الصحّة كما عن الغنية (٢) صريحاً ، وعن الفاضل المقداد في كنز العرفان (٣) ظاهراً ، حيث نسب عدم صحّة عقد الصبيّ إلى أصحابنا ، وممّن صرّح بالإجماع العلّامة في التذكرة قائلاً على [ما حكي] «أنّ الصغير محجور عليه بالنصّ والإجماع سواء كان مميّزاً أولا في جميع التصرّفات ، إلّا ما استثني كعبادته وإسلامه وإحرامه وتدبيره ووصيّته وإيصاله الهديّة وإذنه في الدخول على خلاف في ذلك» (٤) انتهى.
ومستند البطلان ـ بعد الأصل وهو أصالة عدم ترتّب الأثر والإجماعات المنقولة المعتضدة بالشهرة العظيمة – الروايات وهي قسمان :
أحدهما : الرواية النبويّة المرويّة بطرق العامّة والخاصّة المعمول بها عند الفريقين «رفع القلم عن ثلاثة : عن الصبيّ حتّى يحتلم ، وعن المجنون حتّى يفيق ، وعن النائم حتّى يستيقظ» (٥) وذكرها الصدوق في الخصال (٦) والأصحاب في كتب الاستدلال.
ووجه الاستدلال : أنّ قوله : «رفع القلم» كناية عن سلب جميع الأحكام الّتي تكتب بالقلم حتّى الأحكام الوضعيّة الّتي منها صحّة عقوده وإيقاعاته ، ومعناه أنّ الصبيّ لا يكتب عليه الأحكام تكليفيّة كانت أو وضعيّة ، وقضيّة ذلك أن لا يصحّ عقده أيضاً.
وفيه نظر : إذ لو اريد به أنّ الأحكام لا تكتب عليه في اللوح المحفوظ ، فحمل رفع القلم عليه مع بعده في نفسه لا يلائمه عطف النائم عليه وكونه أحد الثلاثة بل يأباه ، لضرورة أنّ الأحكام المكتوبة في اللوح المحفوظ بأسرها ثابتة في حقّه ، غير أنّه ما دام نائماً لا يتوجّه إليه الخطاب لقبح خطاب الغافل.
ولو اريد به أنّها لا تكتب عليه في صحائف الأعمال الّتي يباشر الكتابة فيها الملكان ـ الرقيب والعتيد ـ ففيه أنّ صحائف الأعمال ليست محلّاً لكتابة الأحكام بل كتابتها ليست من شغل الملكين ، بل شغلهما ثبت الأعمال من الحسنات والسيّئات.
وعلى هذا فمعنى رفع قلم الكتابة عن الصبيّ أنّه لا يكتب عليه من الأعمال الأفعال
__________________
(١) كذا في الأصل ، والظاهر : فصحّح.
(٢) الغنية : ٢١٠.
(٣) كنز العرفان ٢ : ١٠٢.
(٤) التذكرة ٢ : ٧٣.
(٥) عوالي اللآلي ١ : ٢٠٩ / ٤٨.
(٦) الخصال ١ : ٩٣.