النكاح أو قبوله لغير بإذن الوليّ.
وممّا يرشد إلى ما بيّنّاه من الظهور في نفي الجواز المطلق ما في الروايات من تعليق جواز أمره في الشراء والبيع ببلوغه تسع سنين في الجارية وخمس عشر سنة في الغلام ، فلو كان لإذن الوليّ أو إجازته مدخليّة في جوازه قبل البلوغ وجب تعليقه بكلّ من الأمرين ، بأن يقول : لا يجوز أمره حتّى يجيزه وليّه ، أو يبلغ خمس عشر سنة ، لورودها في مقام الحاجة وعدم جواز تأخير البيان عن وقتها.
وقد يقال : بأنّه لا يبعد بناء المسألة على أنّ أفعال الصبيّ وأقواله شرعيّة أم لا؟ كما عن المحقّق الثاني «فحكم بأنّها غير شرعيّة وأنّ الأصحّ بطلان العقد» (١) وهذا غير واضح ، إذ لو اريد بأفعاله وأقواله ما يكون من قبيل المعاملات من العقود والإيقاعات والإقرارات فشرعيّتها عين المسألة فبناء المسألة عليها ممّا لا معنى له ، وإن اريد ما يكون من قبيل العبادات ففيه منع ابتناء المسألة على شرعيّة عباداته ممنوع ، لأنّ معنى شرعيّة عباداته على القول بها رجحان عباداته عند الشارع ومطلوبيّتها لديه بحيث يترتّب عليها الثواب ويعود الثواب إلى أبويه ، وهذا لا يلازم شرعيّة عباداته وضعاً في العقد أو الإيقاع بحيث يترتّب عليها الآثار الشرعيّة أصلاً ، بل الملازمة يحتاج ثبوتها إلى دليل عليها من نصّ أو إجماع والمفروض انتفاؤه.
واستدلّ أهل القول بصحّة عقده إذا بلغ عشراً أوإذا كان مميّزاً مطلقاً بوجوه غير تامّة :
منها : إطلاقات أدلّة صحّة البيع والشراء وغيره من العقود ، كقوله تعالى : «أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ» وقوله عليهالسلام : «البيّعان بالخيار ما لم يفترقا» ونحوهما عدا قوله تعالى : «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» فإنّه خطاب تكليفي يستحيل توجّهه إلى الصبيّ ، فلا يصحّ الاستدلال بعمومه على صحّة عقوده.
وتوهّم : أنّه يتضمّن حكمين : تكليفي وهو وجوب الوفاء ، ووضعي وهو الصحّة ، والمستحيل توجّهه إلى الصبيّ هو الأوّل دون الثاني ، فيجوز الاستدلال به بالنسبة إلى الثاني ، أو أنّ الأمر هنا إرشادي معرّى عن الطلب ، فالمقصود به الإرشاد إلى اللزوم
__________________
(١) جامع المقاصد ٥ : ١٩٤.