الدم الّذي يخرج بقوّة عند قطع عرق الحيوان أو ذبحه ، والثاني هو الدم يخرج بتثاقل كدم السمك» (١).
وتخصيص التحريم بالدم المسفوح يقتضي حلّيّة غير المسفوح إمّا بحكم الأصل أو المفهوم أو الحصر المستفاد من النفي والاستثناء ، ولا يعارضه قوله تعالى : و «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ» (٢) لأنّ الدم في هذه الآية مطلق وفي الآية الاولى مقيّد ، ومن الواجب حمل المطلق على المقيّد كما زعمه في المسالك تعليلاً باتّحاد الموجب ، فالمراد في الآية الثانية أيضاً هو الدم المسفوح لا غير.
الثالث : السيرة القطعيّة بين المسلمين المستقرّة على عدم التحرّز عن دم السمك.
الرابع : العسر والحرج المنفيّين في تحريم دم السمك.
وضعف الكلّ واضح ، إذ الأصل يخرج منه بدليل الحرمة وسيظهر ، وتحريم الدم المسفوح لا ينافيه تحريم مطلق الدم لأنّ المسفوح أيضاً من جمله أفراد الماهيّة ، فالآيتان من قبيل العامّ والخاصّ المتوافقي الظاهر فيعمل بهما من غير محذور.
ودعوى : أنّ المطلق يحمل على المقيّد لاتّحاد الموجب ، يدفعها أوّلاً : أنّ المقام ليس من موارد قاعدة حمل المطلق على المقيّد لكون حكميهما تحريميّين وقد اتّفقوا على عدم الحمل فيهما ، ولذا لا حمل في مثل : لا تعتق مكاتباً ولا تعتق مكاتباً كافراً ، بخلاف مثل : أعتق رقبة وأعتق رقبة مؤمنة أو لا تعتق رقبة كافرة.
وثانياً : أنّ الحمل في باب المطلق والمقيّد فرع على التنافي بين مقتضاهما ، والتنافي المتوهّم هنا إن كان بين منطوقي الآيتين ففيه منع التنافي لتوافق المنطوقين ، وإن كان بين منطوق المطلق ومفهوم المقيّد فهو فرع على ثبوت المفهوم هنا ، وهو محلّ منع لكونه من مفهوم الوصف الّذي ـ هو على المشهور وهو الأصحّ ـ ليس بحجّة في نفسه ، فتعليق تحريم الدم على وصف المسفوح لا يفيد نفي الحكم عن غير المسفوح ، والنكتة في ذكر الوصف حينئذٍ إمّا شدّة الاهتمام في المنع والتحريم بشأن المسفوح فإنّه لنجاسته أشدّ حرمة من غير المسفوح ، أو لأنّ الّذي اوحي إليه صلىاللهعليهوآلهوسلم وبيّن له إلى زمان
__________________
(١) المسالك ٢ : ٢٤٥.
(٢) المائدة : ٣.