ولا مخاطباً بكفّارة وغيرها من الآثار المترتّبة على مخالفة التكليف الإلزامي ، كما لو اكره على شرب الخمر أو أكل المال الحرام أو ترك الصلاة أو صيام نهار رمضان وما أشبه ذلك ، وهذا ممّا لا إشكال بل الظاهر أنّه لا خلاف في أنّه يعتبر في تسويغه المحظورات عجزه عن التفصّي عن الضرر المتوعّد به ، ومناطه توقّف دفع ضرر المكره على ارتكاب المكره عليه من فعل محرّم أو ترك فريضة ، وعليه يحمل الإكراه في حديث رفع المؤاخذة «عمّا استكرهوا عليه».
وثانيهما : الإكراه الرافع لآثار المعاملات ، وهذا هو محلّ البحث ، فنقول : إنّه ربّما يستظهر عدم اعتبار العجز من رواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «لا يمين في قطيعة رحم ، ولا في جبر ، ولا في إكراه ، قلت : أصلحك الله ، وما الفرق بين الجبر والإكراه؟ قال : الجبر من السلطان ، ويكون الإكراه من الزوجة والامّ والأب وليس ذلك بشيء ...» (١) الخبر. فإنّ المقابلة وبيان الفرق ظاهر في أنّ المراد بالجبر ما يبلغ حدّ الإلجاء والاضطرار ، ولا يكون إلّا حيث لم يكن له طريق إلى التخلّص ، ولذا خصّه بالسلطان الّذي يغلب فيه ذلك. فيكون الإكراه دونه وهو ما لا يبلغ الحدّ المذكور ، ولذا أضافه إلى الزوجة والامّ والأب الّذين يغلب فيهم وجود طريق التخلّص.
وفيه : نظر ، لمنع كون نظر الإمام في بيان الفرق إلى ما ذكر ، بل إلى اعتبارات اخر مثل أنّ السلطان يأمر بما يخاف الضرر على تركه من دون توعيد ، بخلاف الإكراه الّذي لا بدّ فيه مع الأمر من التوعيد ، أو أنّ جعل الجبر من السلطان باعتبار كونه عند العرف جابراً فأمره بخلاف العدل مع التوعيد على الترك جبر ، بخلاف الزوجة والامّ والأب لعدم صدق الجابر عليهم ، أو أنّ الجبر أمر بخلاف العدل مع خوف الضرر على المخالفة من غير توعيد ، بخلاف الإكراه الّذي هو أمر مع التوعيد ، فلا ظهور للرواية على عدم اعتبار العجز في موضوع الإكراه.
فالحقّ في المقام ما عليه الجماعة من اعتبار العجز عن التفصّي في مفهوم الإكراه لشهادة التبادر الوجداني والاستقرائي بذلك ، فإنّ المتبادر المنساق من لفظ الإكراه
__________________
(١) الوسائل ٢٣ : ٢٣٥ / ١ ، ب ١٦ كتاب الأيمان ، التهذيب ٨ : ٢٨٦ / ١٠٥٣.