التصرّف في المثمن أو الثمن في البيع ، واللزوم ، وضمان الدرك ، والشفعة ، وخيار المجلس ، وخيار ثلاثة أيّام في الحيوان وما أشبه ذلك ، فهل يعتبر في ترتّب هذه الأحكام قصدها أو لا؟.
ومنها : الامور الّتي لو لا قصدها لا يقتضي العقد لو خلّي وطبعه ترتّبها عليه ـ كإرث الزوجة واستحقاقها النفقة في عقد الانقطاع ، وخيار فسخ النكاح في غير الأسباب الموجبة له ونحو ذلك ـ فهل قصدها يفيد ترتّبها عليه أو لا؟.
وينبغي لتنقيح المطلب وبيان ما هو الحقّ في هذه المقامات أن يبيّن ضابطاً كلّيّاً ، وهو أنّه قد ذكرنا سابقاً أنّ العقد بحسب العرف واللغة عبارة عن الربط المعنوي الّذي توجده المتعاقدان فيما بينهما ، وهو في البيع والاشتراء أن يجعل أحدهما ملك عينه لصاحبه بإزاء مال صاحب ليكون ملكه له عوضاً عن عينه ، ولقد شاع في لسان الفقهاء إطلاقه على الصيغة المركّبة من الإيجاب والقبول ، كما يرشد إليه التتبّع في كلماتهم في سائر أبواب العقود ، ومن كلماتهم تصريحهم بأنّ العقد مركّب من الإيجاب والقبول ، ولا ريب أنّ المركّب هو مجموع صيغتي الإيجاب والقبول كـ «بعت واشتريت» وهذا ليس بوضع عرفي لانحصاره في الربط المعنوي ولا بوضع شرعي لعدم ثبوت الحقيقة الشرعيّة في لفظ العقد ، بل هو عرف فقهائي حصل لمناسبة السببيّة من تسمية السبب باسم المسبّب. ولقد اعتبر الفقهاء في هذا المعنى العرفي الخاصّ قصد التلفّظ وقصد المعنى المادّي وقصد المعنى الإنشائي ، لصحّة سلب اسم العقد عندهم عن الخالي عن القصود الثلاث ، كما في الصيغة الصادرة عن الغافل أو الغالط أو الهاذل أو المورّي.
نعم لم يعتبر فيه مقارنة الرضا وهو قصد وقوع الأثر في الخارج ، كما يشهد به إطلاقهم العقد على عقد المكره من غير صحّة سلبه عنه عندهم ، فالقصود الثلاث المذكورة معتبر في تحقّق ماهيّة العقد بالمعنى العرفي الفقهائي والقصد الرابع معتبر في تأثيره.
ولقد جعل الشارع هذا المعنى العرفي الخاصّ أعني الصيغة المركّبة من الإيجاب والقبول المقرونة بالقصود الثلاث مع قصد وقوع الأثر سبباً للعقد بالمعنى العرفي اللغوي وهو الربط المعنوي ، ضرورة أنّ المتعاقدين بواسطة الصيغة المركّبة بشرائطها مع شرط قصد وقوع الأثر في الخارج يوجدان الربط المعنوي المذكور ، وظاهر أنّ هذا