ثمّ اعلم : أنّ التعيين المعتبر في المعوّض والعوض عبارة عن العهد بمعنى المعهوديّة ، بأن يكون كلّ منهما معهوداً عند المتعاقدين بأحد أسبابه الّتي منها الحضور ، ومنها الذكر والوصف ، وهو يتأتّى على وجهين :
أحدهما : العهد باعتبار كون كلّ منهما أو أحدهما شخصاً معيّناً في الخارج.
وثانيهما : العهد باعتبار إضافة كلّ منهما أو أحدهما إلى ذمّة شخص معيّن ، ومن هنا ينقسم مورد العقد بالنسبة إلى العوضين إلى الجزئي الحقيقي الموجود في الخارج والكلّي المعتبر وجوده في الذمّة ، فالعقد باعتبار المورد المنقسم إلى العين الشخصيّة والعين الكلّيّة يصحّ في صور أربع :
الاولى : أن يرد على عين شخصيّة بإزاء عين شخصيّة كأن يقول البائع : «بعتك هذا الكرّ من الطعام بهذا الألف» ويقول : «المشتري اشتريت هذا بهذا».
الثانية : أن يرد على عين كلّيّة في ذمّة البائع بإزاء عين كلّيّة في ذمّة المشتري ، كأن يقول : «بعتك كرّ طعام في ذمّتي بألف في ذمّتك» ويقول المشتري : «اشتريت».
الثالثة : أن يرد على عين شخصيّة بإزاء عين كلّيّة في الذمّة ، كأن يقول : «بعتك هذا الكرّ بألف في ذمّتك» ويقول المشتري : «اشتريت».
الرابعة : أن يرد على عين كلّيّة في الذمّة بإزاء عين شخصيّة كأن يقول : «بعتك كرّ طعام في ذمّتي بهذا الألف» ويقول المشتري : «اشتريت».
وحينئذٍ فلو ورد على عين مبهمة بإزاء عين مبهمة كأن يقول : «بعتك كرّ طعام بألف» من دون اعتبار كون الأوّل في ذمّة البائع ولا في ذمّة موكّله ، وكون الثاني في ذمّة المشتري ولا في ذمّة موكّله ، ويقول المشتري : «اشتريت» بطل. وكذلك لو ورد على عين معيّنة بإزاء عين مبهمة. أو على عين مبهمة بإزاء عين معيّنة ، والسرّ في البطلان عدم تحقّق العقد بمعنى الربط المعنوي مع الإبهام ولو في أحد العوضين ، فإنّ المراد به الربط المعنوي بين المالين وهو يتبع العهد بأحد الوجهين ، فالإبهام ولو في أحدهما مانع عن تحقّقه كما لا يخفى.
وأمّا التعيين المعتبر في المتعاقدين فلا يكون إلّا بكون كلّ منهما شخصاً معهوداً للآخر في الخارج فلا يمكن فيهما الكلّيّة ، فلو قال البائع : «بعتك كرّ طعام في ذمّة رجل