المعقوليّة المدّعاة في التعليل لو كانت مسلّمة فدفعها بالتمسّك بالعمومات غير صحيح ، لأنّها بنفسها تنهض مخصّصة للعمومات لأنّها حكم عقلي لا يزاحمها العموم ـ بل لمنع عدم المعقوليّة الّذي هو في معنى الاستحالة العقليّة فإنّ العقل لا يستحيل تعلّق الملك بالملك بل الشرع أيضاً لا يأباه ، كيف وقد وقع في الشرع كما في مال الكتابة الّذي يملكه السيّد في ذمّة المكاتب خصوصاً المكاتب المشروط. فالوجه في دليل عدم الضمان هو الإجماع المنقول المعتضد بعدم ظهور الخلاف بل ظهور الإجماع.
وثانيهما : ما لا يترتّب عليه الأثر إلّا بإذن السيّد سابقاً أو لاحقاً ، كبيعه وشرائه وصلحه وسائر عقوده بل مطلق إنشاءاته حتّى الإيقاعات ، ومحلّ الكلام في المقام هو هذا القسم لا القسم الأوّل. وهذا القسم من التصرّفات قد يتكلّم في جوازها التكليفي وعدمه ، وقد يتكلّم في جوازها الوضعي وهو الصحّة وترتّب الأثر وعدمه.
أمّا الجهة الاولى : فالظاهر أنّه لا إشكال بل لا خلاف في عدم جوازها من دون إذن السيّد فيعصي بها وإن وقعت في مال غير السيّد كما لو باع مال الغير أو اشترى لنفسه في ذمّته ، لأنّه بنفسه وبدنه وجميع أعضائه وجوارحه حتّى لسانه ملك لسيّده ، فتصرّفه في نفسه وبدنه فعلاً وفي لسانه قولاً ما لم يكن مأذوناً فيه بالإذن الصريح أو الفحوى أو شاهد الحال تصرّف في ملك الغير من دون إذن مالكه ، فيكون قبيحاً عقلاً ومحرّماً شرعاً ، بل لا يختصّ القبح والحرمة من هذه الجهة بتصرّفاته الإنشائيّة ، بل يعمّ سائر أفعاله وأقواله الغير المأذون فيها من السيّد.
عدا ما استثنى بدليل عقل ، كضروريّات عيشه ولوازم حياته من التنفّس في الهواء والتحيّز في مكان ما وما أشبه ذلك.
أو بدليل شرع كما في واجباته الشرعيّة من صلاته وصومه وطهارته.
أو بسيرة كالأعمال أو الأقوال الجزئيّة الّتي ليس لها عوض وقيمة ـ كسلامه وكلامه العادي ، ودلالته إلى طريق وتعريفه لأحد ، وأخذه شيئاً من الأرض ودفعه إلى صاحبه ، وإعانته في الحمل ، ونحوه ، وما أشبه ذلك ، ممّا لم يتعلّق به اجرة من أفعال العقلاء ـ لقضاء السيرة القطعيّة المستمرّة بين المسلمين المنتهية إلى أعصار الأئمّة وزمان صادع الشريعة بجواز هذه التصرّفات وإن لم يكن أذن فيها السيّد.