ويمكن كون الجهة المسوّغة لها شهادة حال السيّد الّتي هي من أقسام الإذن ، وعليها مدار السيرة ، وحينئذٍ فلو منع السيّد عنها وجب اتّباعه فلو خالف أثم.
وكيف كان فجهة الجواز التكليفي في تصرّفات المملوك الإنشائيّة وغيرها أيضاً خارجة عن محلّ البحث ، بل البحث إنّما هو في الجواز الوضعي وعدمه ، والحرّيّة المعتبرة في شروط المتعاقدين معتبرة في الجواز الوضعي. وقضيّة كونها شرطاً توقّف الجواز على إذن السيّد سابقاً أو لاحقاً.
فليعلم أنّ المملوك في عقده بدون إذن سيّده ليس كالصبيّ ليقع تصرّفه من أصله باطلاً ، ولا كالحرّ المالك ليقع تصرّفه من حينه صحيحاً نافذاً ، بل هو كالحرّ الفضولي واسطة بينهما ، فيمتاز عن الصبيّ بكون الصبيّ كالمجنون مسلوب العبارة فليس في تصرّفه العقدي أهليّة التأثير ولا شأنيّة الصحّة بخلافه ، وعن الحرّ المالك بكون تصرّف الحرّ صحيحاً صحّة فعليّة فتصرّفه العقدي ببيع أو اشتراء أو صلح في ذمّته أو في مال سيّده أو في مال غير سيّده متأهّل للصحّة والتأثير ، ومن شأنه أن يترتّب عليه الأثر إلّا أنّ ترتّبه فعلاً عند مشترطي الحرّيّة يقف على إذن السيّد سابقاً أو لاحقاً ، وهذا هو المعروف من مذهب الأصحاب.
ومن هنا يعلم أنّ الحرّيّة من شروط المتعاقدين ليست كالبلوغ والعقل لأنّهما شرطان لأهليّة التأثير وشأنيّته ، بخلاف الحرّيّة فإنّ الأهليّة والشأنيّة حاصلة بدونها فهي شرط لفعليّة التأثير ، فتكون في إخراجها لعقد المملوك بدون إذن السيّد كالاختيار المخرج لعقد المكره لفقده الرضا وطيب النفس.
وقد يستشمّ من بعض العبارات كون إذن السيّد بالنسبة إلى عقد المملوك معتبرة في جوازه التكليفي لا الجواز الوضعي ، فليس في عقده الصادر منه من دون إذن السيّد في مال الغير إلّا العصيان ، وإلّا فجوازه الوضعي حاصل بدون إذنه ، بل هو ظاهر الشيخ في شرح القواعد حيث إنّه في شرح عبارة القواعد «ليس للمملوك أن يبيع أو يشتري» قال : «ليس يباح للمملوك أن يبيع أو يشتري لغير سيّده إلّا بإذن السيّد» فإنّه على ما حكي ظاهر كالصريح في أنّ الموقوف على إذن السيّد إنّما هو إباحة التصرّف وجوازه التكليفي ، وأصرح منه كلامه في الصور الّتي فرضها للمسألة :