واستدلّ بوجوه :
منها : أنّه عقد صدر من أهله في محلّه فيكون صحيحاً ، أمّا أنّه عقد فلصدق الاسم عليه عرفاً وخلوّه عن مقارنة إذن المالك لا يوجب سلب اسم العقد ولا البيع عنه ، وأمّا أنّه صدر من أهله فلفرض صدوره من الكامل بالعقل والبلوغ والاختيار ، وأمّا أنّه وقع في محلّه فلفرض تحقّق العوضين مع اجتماعهما لشرائط الصحّة ، وليس إلّا عدم مباشرة المالك والأصل عدم كونها شرطاً ، أو عدم مقارنة إذن المالك والأصل أيضاً عدم الشرطيّة. واورد عليهما بمعارضة أصالة عدم ترتّب الأثر.
ويدفعه أوّلاً : أنّ أصالة عدم الشرطيّة واردة على أصالة عدم ترتّب الأثر ، لسببيّة شكّه.
وثانياً : انقطاع أصالة الفساد بعموم «حِلّ البيع» و «وجوب الوفاء بالعقود» و «تجارة عن تراض» وغير ذلك.
ومن هنا يندفع أيضاً ما عن غاية المراد (١) من المناقشة في الدليل بكونه من باب المصادرات ، وكأنّه لم يلتفت إلى أنّ مستند دعوى الصحّة في عبارة الدليل هو العمومات.
نعم ربّما يورد على الاستدلال بالعمومات بعدم شمولها للأفراد النادرة خصوصاً إذا كانت في غاية الندرة ، والبيع الفضولي فرد نادر.
واجيب تارة بمنع الصغرى ـ أعني الندرة ـ فإنّ الأحبّاء والأصدقاء والرفقاء والوكلاء والأولياء والعبيد وغيرهم يتصرّفون في أموال غيرهم ويعقدون عليها بالبيع والشراء وغيرهما فضولاً ثمّ يستأذنون ويستجيزون ، فهو طريق معهود مألوف استقرّت السيرة به فكيف يرمى بالندرة كما عن الشيخ الغروي في شرحه للقواعد (٢). واخرى بمنع الكبرى فإنّ الأصحاب لا يزالون في جميع الأعصار والأمصار يستدلّون بتلك العمومات على الأفراد النادرة الّتي منها بيع السّلَم ونحوه كما يظهر للمتتبّع في أبواب العقود ، فيكون ذلك إجماعاً منهم كاشفاً عن إرادة عموم الحكم بحيث يشمل الأفراد الشائعة والنادرة معاً كما عن سيّد الرياض (٣).
والأولى في الجواب بعد تسليم الندرة أن يقال : إنّ شبهة عدم الانصراف في الأدلّة
__________________
(١) غاية المراد : ١٧٨.
(٢) شرح القواعد ٢ : ٧٣.
(٣) الرياض ٨ : ٢٢٢.