إلى الأفراد النادرة وإن كانت في مثل «أحلّ البيع» ممّا كان أشبه بالمطلقات لا بعد فيها ، ولكنّها في مثل «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» ممّا كان من قبيل العمومات خلاف التحقيق ، لأنّ عموم العامّ وضعي لا يتفاوت الحال فيه بين الأفراد ، فيشمل المتعارفة الشائعة والنادرة بل الأندرة أيضاً.
ومنها : فحوى ما دلّ على صحّة الفضولي في النكاح من النصّ المستفيض والإجماع كما نقله علم الهدى (١) في الحرّ والعبد ، والحلّي (٢) في الحرّ ، والشيخ في الخلاف (٣) في العبد ، وصحّته فيه مع احتياطهم لكونه في الفروج يستلزم صحّته في البيع ونحوه بطريق أولى. تمسّك به جماعة منهم غاية (٤) المراد والرياض بل في الثاني «أنّه لولاه أشكل الحكم من جهة الإجماعين الآتيين» على المنع (٥).
وقد يورد عليه بما محصّله : أنّه إن اريد بالفحوى ما ينطبق على مفهوم الموافقة ، ففيه أنّه يعتبر في مفهوم الموافقة كون أولويّة المسكوت عنه من المنطوق به عرفيّة ، على معنى كونها منساقة من الخطاب في متفاهم العرف ، كأولويّة ضرب الوالدين بالتحريم من التأفيف المنساقة من آية «فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ» (٦) وهي فيما نحن فيه ليست عرفيّة بالمعنى المذكور. وإن اريد به ما ينطبق على القياس بطريق أولى ، ففيه أنّه يعتبر فيه كون الأولويّة قطعيّة بأن يكون علّة الحكم في الأصل معلومة مع وجودها في الفرع وكونها فيه أشدّ وآكد ، وهي فيما نحن فيه ليست بهذه المثابة لعدم معلوميّة علّة الحكم في النكاح ، مع احتمال كون الحكمة فيه شدّة الاستحياء في النساء ، فإنّه ربّما يمنعهنّ من التوكيل في التزويج فسوّغ الشارع فيه الفضولي وأوقفه على الإجازة لأنّ أمر الإجازة أسهل وأهون ، إذ ليس استحياؤهنّ فيها كالاستحياء في التوكيل.
ويمكن دفعه بأنّ هنا شقّاً ثالثاً ، وهو كون المراد بالفحوى هنا الأولويّة الظنّيّة المندرجة في الظنّ المطلق على القول بحجّيّة الظنون المطلقة ، ولا ريب في حصول الظنّ الاطمئناني من جهتها بمشاركة البيع وغيره النكاح في صحّة الفضولي مع الإجازة.
__________________
(١) الناصريّات : ٣٣٠.
(٢) السرائر ٢ : ٥٦٢.
(٣) الخلاف ٤ : ٢٦٦ ، المسألة ١٨.
(٤) غاية المراد : ١٧٨.
(٥) الرياض ٨ : ٢٢٣.
(٦) الإسراء : ٢٤.