نعم وقد يورد عليها بالنصّ الوارد في الردّ على العامّة الفارقين بين تزويج الوكيل المعزول مع جهله بالعزل وبين بيعه ، بالحكم بالصحّة في الثاني لأنّ المال له عوض ، والبطلان في الأوّل لأنّ البضع ليس له عوض ، فقال الإمام ردّاً عليهم وتنبيهاً على اشتباههم في وجه الفرق : «سبحان الله ما أجور هذا الحكم وأفسده ، فإنّ النكاح أولى وأجدر أن يحتاط فيه ، لأنّه الفرج ومنه يكون الولد ...» (١) الخبر.
وحاصله كون النكاح من جهة الاحتياط المتأكّد فيه أولى بالصحّة من البيع ، وقضيّة ذلك أنّه إذا ثبت الفضولي في البيع فهو يستلزم ثبوته في النكاح أيضاً بطريق أولى ، لا أنّ ثبوته في النكاح يستلزم ثبوته في البيع بطريق أولى كما عليه مبنى الاستدلال المتقدّم.
وفيه : منع دلالة ذلك على كون الأولويّة في العكس ، لعدم كون مستند العامّة في الحكم بصحّة البيع دون النكاح هو أولويّة البيع بالصحّة من النكاح ، ولا الاحتياط ، بل عدم المبيع من البائع بلا عوض على تقدير البطلان لأنّ له عوضاً ، بخلاف النكاح فإنّه على تقدير البطلان يستلزم خروج البضع من الزوجة بلا عوض لأنّ البضع لا عوض له ، فليس مقصود الإمام في الردّ عليهم دعوى الأولويّة بين البيع والنكاح وجعل النكاح أولى بالصحّة من البيع لأنّ الاحتياط فيه أشدّ من الاحتياط ، بل مقصوده الردّ عليهم ببيان مشاركة النكاح للبيع في وجود المقتضي للصحّة في زعمهم وعلى طريقتهم في الاعتماد على الاستحسانات الذوقيّة والمصالح المرسلة ، فحاصل مراده عليهالسلام بيان أنّ البيع كما يوجد فيه المقتضي للصحّة في زعمهم ، وهو كون المال له عوض ، فكذلك النكاح أيضاً فيه المقتضي للصحّة ، وهو كون إبقائه أحوط من إبطاله وأنّه أقرب إلى الاحتياط ، ومرجعه إلى إعمال الأولويّة بين إبقاء النكاح وإبطاله لا بين النكاح والبيع ، فإنّ إبطال النكاح يستلزم التفريق بين الزوجين فتتزوّج المرأة فعلى تقدير صحّة العقد في نفس الأمر يلزم الزنا بذات البعل ويحصل منه الولد ، بخلاف إبقائه فإنّه على تقدير بطلان العقد في نفس الأمر يستلزم الزنا بالمرأة الخالية من المانع ، وهو أهون من الزنا
__________________
(١) الوسائل ١٩ : ١٦٣ / ٢ ، ب ٢ أبواب الوكالة ، التهذيب ٦ : ٣١٤ / ٥٠٦.