بذات البعل وأقرب بالاحتياط ، فيكون إبقاء النكاح أولى وأجدر من إبطاله عند دوران الأمر ، فليتدبّر.
ومنها : الخبر العامّي المعروف الوارد في قصّة عروة البارقي حيث دفع إليه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ديناراً وقال : «اشتر لنا به شاة للُاضحيّة ، فاشترى به شاتين ، ثمّ باع إحداهما في الطريق بدينار ، فأتى النبيّ بالشاة والدينار ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : بارك الله لك في صفقة يمينك» (١) فإنّ بيعه لإحدى الشاتين لعدم كونه مأذوناً فيه وقع فضولاً ، وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «بارك الله ...» الخ إمضاء له ، فلو لم يصحّ الفضولي مع الإجازة لم يكن لإمضاء النبيّ معنى. بل قد يقال : بأنّ اشتراءه الشاتين بدينار أيضاً وقع فضولاً ، لأنّ المأمور به هو اشتراء شاة بدينار لا اشتراء شاتين فقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «بارك الله ...» الخ إجازة لهما. ولو وجّه اشتراؤه الشاتين بحيث خرج عن كونه فضوليّاً بجعله مأذوناً فيه بالفحوى لأنّ من أذن باشتراء شاة بدينار راضٍ باشتراء شاتين بدينار بطريق أولى ، لكفى كون بيعه لإحدى الشاتين فضوليّاً.
واورد على الاستدلال بالرواية بوجوه ، فتارةً : بعدم دلالتها على أنّ عروة اشترى الشاتين للنبيّ لجواز كونه إنّما اشتراهما لنفسه بدينار أعطاه النبيّ أي وهبه وملّكه لمّا رأى من حاله أنّه لا شيء له ليشتري به الشاة للُاضحيّة وهو يحبّ الاضحية ولم يكن عنده شيء ، غاية ما هنالك حمل الإعطاء على إرادة الهبة لا مجرّد المناولة ، وهو شائع في الاستعمالات يقال : عطيّة فلان وعطايا سلطان وما أشبه. وإتيانه إلى النبيّ بالدينار ليردّه عليه شكراً لنعمته من جهة حصول غرضه وهو تملّكه شاة للُاضحيّة ، ولعلّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يقبله بل ردّه إليه خصوصاً على احتمال كون الدينار من الوجوه الّتي يستحقّها عروة فملكه بمجرّد دفع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وإن قصد بإعطائه المناولة.
واخرى : بأنّ الرواية تتضمّن الغبن الفاحش إمّا لبائع الشاتين أو لمشتري إحداهما على سبيل منع الخلوّ ، لأنّ ثمن مثل الشاتين إمّا يكون أزيد من دينار كدينارين مثلاً فيلزم الغبن للبائع ، وإن كان دنيا فيلزم الغبن للمشتري. ومن المستبعد أن يرضى النبيّ
__________________
(١) مستدرك الوسائل ١٣ : ٢٤٥ ، ب ١٨ أبواب عقد البيع وشروطه ، عولي اللآلي ٣ : ٢٠٥ / ٣٦.