وأمّا الثاني : فلأنّ حمل معاملة عروة على المعاملة المحاباتيّة أولى من حملها على معاملة المغابنة ، مع منع تحقّق غبن لبائع الشاتين ولا لمشتري شاة واحدة ، فإنّ مجاري العادات أنّ كل متاع حال وفوره يتنزّل قيمته وحال قلّته وعزّته تترفّع قيمته ، وكثيراً ما يختلف الحال بالوفور والعزّة في زمان قليل ، ولا سيّما مورد الرواية وهو أغنام الاضحية خصوصاً في يوم الأضحى الّتي تتوفّر في أوّل النهار ثمّ تتعزّز بعده بساعة أو أقلّ أو أكثر ، فمن الجائز وقوع الاشتراء حال وفورها وطروء العزّة فيما بينه وبين مسيره إلى النبيّ ووقوع بيع الشاة في هذه الحالة.
وأمّا الثالث : فلمنع وقوع بعض التصرّفات المذكورة كدفع الدينار إلى البائع ، ومنع كون وقوع البعض الآخر كقبض الشاتين على الوجه المحرّم لكونه مأذوناً فيه من البائع ، وكذلك أخذه الدينار من المشتري مع احتمال كون عروة جاهلاً قاصراً بحكم المسألة ، خصوصاً على تقدير وقوع الواقعة في أوائل الإسلام فلا حرمة حتّى توجب استحقاقه الذمّ والتوبيخ.
وأمّا الرابع : فلاندفاع احتمال الإذن العامّ أو الوكالة المطلقة بالأصل فإنّ الإذن الخاصّ معلوم الحصول ، وحصول الإذن العامّ قبله أو بعده غير معلوم ، والأصل عدمه ، فيكون المورد من المعاملة الفضوليّة. ولا يرد على الأصل كونه من الاصول المثبتة لأنّ كونها من العقد التوكيلي أو العقد المأذون يحتاج إلى حصول الوكالة المطلقة أو الإذن العامّ ، وكونها من العقد الفضولي لا يحتاج إلى أمر حادث بل يكفي فيه عدم حصول الوكالة المطلقة والإذن العامّ قبل هذا الإذن الخاصّ ، والأصل يحرزه. وبالجملة : الفضوليّة أمر عدمي هو عبارة عن عدم الإذن في التصرّف ، وهو مفهوم عين المستصحب لا أنّه يغايره.
وأمّا الخامس : فلأنّ احتمال المعاطاة الإباحيّة في معاملتي عروة لا يزاحم أصالة الحقيقة في لفظي الاشتراء والبيع ولا قرينة على التجوّز فيهما ، مضافاً إلى أنّه من المستبعد في الغاية أن يأمره النبيّ باشتراء الشاة للُاضحيّة الّتي لا تقع إلّا في ملك وهو يأخذ الشاتين بالمعاطاة الإباحيّة ثمّ يدعو له النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بقوله : «بارك الله لك في صفقة يمينك».
نعم : هاهنا كلام آخر أورده شيخنا قدسسره بقوله : «لا يخفى أنّ الاستدلال يتوقّف على